ينقل وفق المعلومات السياسية، بأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، التقى بنواب وقياديي حركة “أمل” ووضعهم في صورة ما سيقوم به في الأيام المقبلة، طالباً منهم عدم الردّ على أي مواقف قد تستهدفه مهما علا سقفها، وهو سيقوم في الساعات المقبلة بسلسلة إتصالات ولقاءات مع مرجعيات سياسية وروحية، على أن يكون ذلك مقدمة للشروع بالحوار، عارضاً بعض الأفكار التي من شأنها أن تكون منطلقاً لحركته في تهيئة المناخات الملائمة لانتخاب رئيس الجمهورية المقبل، من خلال ما سيسبق ذلك من توافق داخلي بغطاء خارجي من الدول الداعمة للبنان، والمعنية بأوضاعه أي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وعلى المستوى العربي أيضاً، وذلك مردّه إلى أن رئيس المجلس على بيّنة من صعوبة الحلّ الخارجي، أي أن هناك انحساراً للمساعي الدولية نظراً لأولويات أخرى من الحرب الروسية ـ الأوكرانية، إضافة إلى ما يجري في شمال سوريا والعراق وإيران.
ولهذه الغاية، فإن العائدين من بعض العواصم التي تملك قدرة على حسم خيارات الإستحقاقات الداخلية، فإنها، وبفعل ما يجري دولياً وإقليمياً، فهي تعتبر منكفئة عن الملف اللبناني ولا تعتبره من الأولويات، في وقت، أن ثمة برودة فرنسية واضحة قياساً عمّا كان عليه دور باريس بعد انفجار مرفأ بيروت تحديداً، والزيارتين المتتاليتين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، دون أن يحقّق أي خرق حقيقي بعد المبادرة الشهيرة التي أطلقها من قصر الصنوبر بحضور القيادات اللبنانية، وحيث لم يتمّ الإلتزام بها.
في هذا السياق، وأمام الصعوبات التي تحيط بقضايا البلد، وتحديداً الإنهيار الدراماتيكي للعملة الوطنية، فإن القيادات السياسية بدأت تدرك، ولو متأخرة، أنها لم تعد تتحمّل هزالة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وصولاً إلى عدم القدرة على مواجهة محازبيها وأنصارها والناس، ولهذه الغاية تتّجه إلى الحوار الذي سيقوده الرئيس بري في الأيام المقبلة، ولو دون طاولة تجمع كلّ الأفرقاء، ولكن ذلك سيكون من ضمن اللقاءات الثنائية ومع رؤساء الكتل النيابية، نظراً لدقة المرحلة وما يستوجب ذلك من دفع للإستحقاق الرئاسي، ودرءاً لأي خلل قد يحصل في الأيام المقبلة، ربطاً بتحذير البعض من حصول الفوضى العارمة على خلفية تدهور العملة الوطنية وغياب أي مساعدات من الدول الصديقة والشقيقة والمانحين والصناديق الضامنة.
وهؤلاء، ووفق المعلومات الموثوقة، بعضهم أوقف المساعدات التي كانت تقدّم من جمعيات أهلية وإجتماعية وإنسانية، وبمعنى آخر، لم يسبق أن أوقفت هذه الدول هذه المساعدات في الحروب وكل المحطات والأزمات التي عصفت بلبنان، لذا، فإن هذه العوامل بدأت تقلق معظم المرجعيات السياسية، ولهذا يرتقب أن يدخل البلد، وتحديداً جلسات انتخاب الرئيس، في مرحلة مغايرة عن السابق، أي أن يكون هناك، وربما منتصف الأسبوع القادم، آلية قد يقترحها الرئيس بري، وإلاّ فإن البلد سيدخل في شغور طويل إلى حين أن تكون الظروف الدولية والإقليمية مؤاتية لانتخاب الرئيس العتيد، لا سيما وأنه حتى الساعة لم يصدر أي بيان رسمي من الإيليزيه يشير إلى زيارة الرئيس ماكرون إلى لبنان لمعايدة الكتيبة الفرنسية العاملة ضمن نطاق الأمم المتحدة، وهذا مؤشّر تراهن عليه أكثر من جهة سياسية، أي أن ماكرون في حال حصلت زيارته واقتصرت على معايدة الجنود الفرنسيين، فذلك يعني أنه ليس هناك من أي مؤشّرات أو توافق بينه وبين الرئيس الأميركي جو بايدن حول لبنان، ممّا يعني أن البلد يمرّ بظروف ضبابية ودقيقة ومصيرية.