أفضت اجتماعات اللجان النيابية وكل ما يحصل في المجلس النيابي، إلى انسحاب تكتلات “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”الكتائب” وبعض المستقلين، الا أن ما بعد هذا الانسحاب ليس كما قبله، باعتبار أن هناك قراراً اتخذته هذه التكتلات، ودون التنسيق والتلاقي أو التواصل في ما بينها، على عدم حضور أي اجتماعات للجان النيابية المشتركة، أو أي جلسة نيابية سوى جلسة انتخاب الرئيس، إلى أن تتغير الصورة التي تحيط بالمجلس النيابي في هذه المرحلة، وهذا ما برز بالأمس من خلال اجتماع لجنة المال النيابية، حيث ولأول مرة يتقلّص عدد الحضور بشكل لافت.
وعليه، يبدو أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على بيّنة واضحة من عدم مشاركة هذه التكتلات في أي جلسة ، قبل أن تتوضح لديه الصورة أو مشــهدية الأيام المقبلة، على ضوء ما تلقّاه من كل من الســفيرتين الأميركية والفرنسية دوروثي شيا وآن غريو، إضافة إلى أجواء أفضت في الساعات الماضية، عن اتصالات جرت لوقف السجالات على خطّ عين التينة والفريق الداعم لترشيح النائب ميشال معوض، وقامت بها بعض المرجعيات المقرّبة من الطرفين، وصولاً إلى أجواء عن اتصالات حصلت على خطّ كل من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والصرح البطريركي ودار الفتوى، كل هذه التحركات دفعت بري الى ان يطلب من نوابه والمقرّبين منه عدم الردّ على أي حملة تستهدفه.
وفي هذا الإطار، تشير مصادر متابعة، إلى أن السفيرة الأميركية كُلِّفَت متابعة ومواكبة نتائج اللقاء الذي حصل في باريس بين ممثلي الدول الخمس، قبيل مغادرتها لبنان إلى مركز عملها الجديد كمندوبة للولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة، وتتقاسم شيا هذه الاتصالات واللقاءات مع السفيرة غريو.
وإلى حين الانتهاء من هذه الجولات واللقاءات، تتحدّث المصادر عن اجتماع ثانٍ سيعقد في العاصمة الفرنسية لممثلي هذه الدول، وربما بعده قد تتوضح الصورة في حال نجحت الاتصالات مع إيران من أجل تمرير انتخاب الرئيس العتيد، مع الإقرار من قبل البعض، بأن ما جرى في الأيام الماضية ميدانيا وما زال مستمراً على الساحتين الأوكرانية والروسية، سيرتدّ سلباً على المسارات السياسية والإقتصادية والأمنية، وسيترك أيضاً انعكاسات على الملف اللبناني.
وعلى هذه الخلفية، تضيف المصادر نفسها، فإن ما يحصل اليوم، وتحديداً من الفرنسيين، يكمن في إطار العمل على تمرير انتخاب الرئيس بانتظار الفرصة المؤاتية، على غرار ما جرى مع حكومة الرئيس الأسبق تمام سلام، إذ وبعد توافق إقليمي ودولي تشكلت الحكومة بعد أكثر من عام على التكليف.
ويبقى، وربطاً بهذه الأجواء والمؤشرات، علم أن الدول الخمس عدلت عن إمكان إيفاد أحد ممثلي رؤسائها إلى بيروت، إلى حين انتهاء جولاتهم على المرجعيات السياسية والروحية، وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه، بمعنى أن أي موفد سيصل إلى بيروت لن يعود خائباً، كما حصل في المرات السابقة. لذا فإن هذه التعقيدات، وحيال ما يقال عن التسوية والاتصالات والتواصل، يبقى في إطار ما يحصل راهناً، إلاّ أن من لهم صلات من خلال ما يجري بين موسكو وكييف، يؤكدون بشكل قاطع أن الأمور تتّجه إلى إعادة هيكلة وضع المنطقة وحتى أوروبا، على المستويات السياسية والإقتصادية. وما انطلاق التظاهرات في عدد من المدن الأوروبية إلى أمور كثيرة تحصل، وما يجري في الداخل “الإسرائيلي”، يؤكد بالملموس على صعوبة الوضع في لبنان والمنطقة خصوصا، وعلى الصعيد الدولي عموما، مما يطرح السؤال، وفي خضم هذه الظروف والتطورات: لبنان إلى أين؟