Site icon IMLebanon

بري رشّح فرنجية وعطّل الجلسات

 

بعد مجموعة النكات التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بات لا بد من العودة إلى ما وصفه به زياد رحباني حين قال: «الرئيس بري بتفكرو عم يحكي عن جد». وإذا كان خلط الجد بالمزاح لا يستقيم مع الدراما اللبنانية، فإنّ ادعاءات مثل مطالبة المعارضة بأن يكون لها مرشح، يمكن أن تسجل لبري كرقم قياسي في الحنكة بموسوعة «غينيس».

 

بعدما تأخر «حزب الله» طوال الجلسات الـ11 التي عقدت لانتخاب الرئيس عن إعلان مرشحه، كشف عن اسم سليمان فرنجية، في الوقت نفسه الذي امتنع فيه رئيس المجلس عن تحديد الجلسات. إنها ليست مجرد مفارقة، بل هو ابتزاز على نار هادئة، لفرض اسم المرشح المضمون الولاء، أو للانتقال إلى ابتزاز تفاوضي على رأس هذا المرشح، لنيل ضمانات، وفي الحالتين فإنّ «الحزب» يقول للداخل والخارج، إنّه يعطي أهمية لإيصال رئيس حليف إلى بعبدا، ربما أكثر من أهمية تشكيل الحكومات، التي يمكن إسقاطها بالثلث المعطل، أو بثلث الفوضى في الشوارع، فيما الرئيس المضمون الولاء تستمر ضمانته لست سنوات.

 

يعرف «حزب الله» أنّ تطورات المنطقة، يمكن أن تفرض عليه مستقبلاً قرارات صعبة. منها على سبيل المثال الانسحاب من سوريا، على وقع التفاهم الايراني- السعودي والتطبيع السوري- السعودي. ويعرف أنّ هذه التطورات لا يمكنه التحكم بها، وهو لذلك يتشدد لنيل الضمانات التي تناسبه، اذا ما فرض عليه شهر العسل في المنطقة أن ينكفئ.

 

لهذا فإنّ التمسك بترشيح سليمان فرنجية، لا يبدو إلى الآن أكثر من مجرد رفع سقف للتفاوض، و»حزب الله» أول من يعلم أن الفيتو السعودي على وصول فرنجية إلى بعبدا لن يتغيّر. فالمسعى الفرنسي لتليين موقف السعودية من هذا الترشيح تعثّر، وبات في المجموعة الخماسية، شبه إجماع على مرشح لديه مواصفات قادرة على القيام بعملية إنقاذ، لا مرشحاً يكون استمراراً لحكم المنظومة وراعيها المسلح.

 

من هذه الزاوية يمكن فهم الرئيس بري الذي أغمض عينيه عن ترشيح ميشال معوض، بعدما سبق له أن وصف هذا الترشيح بالعملية الأنبوبية. فرئيس المجلس ينتظر موعد التفاوض، على رأس سليمان فرنجية، علماً أنّ الأخير الذي قرأ جيداً الاتفاق السعودي الإيراني، بات متردداً أكثر وقد لا يعلن ترشيحه لشعوره أنّ اتفاق الكبار، سيجرف كل الحسابات والرهانات الصغيرة.

 

يركز بري في الوقت الرئاسي الضائع على عقد جلسة اشتراعية. لا يستسيغ ولا يتقبل تعطيل الجلسات النيابية في ظل عدم وجود رئيس في بعبدا. الأنظار الآن مسلطة على عرض مستتر قدمه جبران باسيل لعقد هذه الجلسة، عنوانه التفاهم مع الثنائي، مع حفظ المكاسب. قد لا يتأخر الثنائي في الرد على عرض باسيل، الذي بالكاد جف حبر مطالبته بكركي بأن تتوسط له مع «القوات اللبنانية»، لاستعادة التفاهم المسيحي حول الرئاسة، فالكثير من المواقف تتلون مع تلون المصالح.