Site icon IMLebanon

برّي لـ «اللواء»: «موقف السعودية إيجابي وأنا وجنبلاط مش مختلفين»

 

كانت ملفتة زيارة وزير الخارجيّة الإيراني حسين أمير عبد اللّهيان إلى بيروت في توقيتها ومضمونها، وما أعاد عرضه على لبنان من على منبر وزارة الخارجيّة  بخصوص الطّاقة والكهرباء حاجة ملحّة للبنان واللّبنانيين، خصوصًا في ظلّ التّفاهم الإيراني السّعودي الّذي أرخى بظلال إيجابيّة على المنطقة برمّتها، ويُتوقّع المزيد منها في المرحلة المقبلة.

هكذا ينظر الرّئيس نبيه برّي إلى سياقات الأحداث وطبيعة تداعياتها، وهو الّذي استشرف آفاق المرحلة قبل أيّ أحد، وتحدّث عن ضرورة التّفاهم الإيراني السّعودي في افتتاح السّفارة الإيرانيّة في بيروت، بل بشّر به، قبل إعلانه بأسابيع، يوم كان بعض السّاكنين خارج الزّمان السّياسي يشكّلون جبهات ويرفعون شعارات لمواجهة «الاحتلال الفارسي» في لبنان والمنطقة، وإذ بهم يصدمون بالأخبار الآتية من الصّين.

ويبدو أنّ البعض ما زال تحت تأثير الصّدمة، وما زال يمنّي النّفس بعودة الخلافات ليستغلّها بدل الاستثمار على السّلام والحوار، كما فعل رئيس تيّار المردة سليمان فرنجيّة في مقابلته الأخيرة.

بدا الرّئيس نبيه برّي مرتاحًا للمواقف المتّزنة والهادئة الّتي أطلقها المرشّح الفعليّ الوحيد الّذي «غلب خصومه بالحوار» حسب برّي،  و «لم يعطِ المتربّصين به أيّ ممسك عليه»، فقد بدا واثقًا وواضحًا كعادته فأكّد على الثّوابت الوطنيّة تحت سقف الوحدة الوطنيّة وتحدّث بلغة جامعة وواقعيّة تراعي الخارج وهواجسه والدّاخل وتوازناته.

وإذ عبّر عن انزعاجه من طرح مسائل شخصيّة كالسّؤال عن التّحصيل العلميّ لابن العائلة السّياسيّة والوطنيّة الضّاربة في تاريخ لبنان الحديث، مع العلم بالظّروف القاهرة الّتي رافقت نشأته، يستعين برّي بالمخزون الشّعبي من تراث الأمثلة اللّبنانيّة: «العلم متل المكوى، إذا مرق على الحرير بيصقلو وإذا مرق على الجنفيص بِكَنفِش»..

وعند سؤاله عن سبب تشاؤمه، كما نُقل عنه أمس، قال: «ربّما حصل التباس في تفسير كلامي، أنا لستُ متشائمًا ولا متفائلًا، نقاطعه: هل أنت متشائل؟ يبتسم ويقول: «نعم، الموقف الخارجي مطمئن وقد أبلغني الفرنسيّون بالمباشر بأنّ أجواء المملكة العربيّة السّعوديّة إيجابيّة باتّجاه الوزير السّابق سليمان فرنجيّة، ولكنّ توتّر الخطاب الدّاخلي والانقسام العمودي لا يبشّر بالخير، فالوضع الدّاخلي لا يحتمل مزيدًا من الفراغ، ونعم أخشى أنّ هناك من لا يريد انتخابات رئاسيّة لغايات شخصيّة».

ويتابع برّي: «نعم وبكل صراحة، نحن بانتظار الحراك الخارجيّ بسبب التّصلّب الدّاخلي، والّذي أوصلنا إلى هنا هم الّذين رفضوا الحوار سابقًا ويرفضون اليوم تقديم مرشّح جديّ لنذهب إلى المجلس ونهنّئ الفائز، بل ويهدّدون بتعطيل النّصاب».

وإذ لم يفصح عن هويّة المتّصل الفرنسي الّذي أبلغه بإيجابيّة الموقف السّعوديّ، هل هو الرئيس ماكرون أو مستشاره دوريل، أكّد دقّة ما قاله فرنجيّة في مقابلته المتلفزة، فقد سمع الموقف نفسه بنفسه من الجهة نفسها، ولكن «ما زلت بانتظار خطوات عمليّة تترجّم هذه الأجواء الإيجابيّة بشكل ملموس على أرض الواقع»، فليس خافيًا ما للمملكة العربيّة السّعوديّة من وزن في الدّاخل اللّبناني، وثمّة إجماع داخليّ على ضرورة طمأنتها، وهناك كتل وقوى تنتظر الموقف السّعودي لتبني على الشّيء مقتضاه، وقد عبّر البعض منها عن ذلك بوضوح وصراحة.

وعن صديقه اللّدود وليد جنبلاط واللّغط الّذي يدور حول موقفه العميق من الاستحقاق الرّئاسي، وعن صحّة التّحليلات الّتي ترى بأنّ جنبلاط أضاع بوصلة برّي هذه المرّة فافترقا، يختصر الرّئيس برّي الكلام بجملة واحدة: «أنا ووليد متّفقين ومش مختلفين ع شي» ويُتبع كلامه بضحكة ذات دلالات!

نحن إذن في مراوحة وجمود سياسيّ داخليّ، ولكنّ برّي متمسّك أكثر من أيّ وقت مضى بدعم وصول فرنجيّة إلى قصر بعبدا لأنّ انتخاب الرّئيس «مفتاح الحلول» وكلّ الظّروف المحيطة بنا تشجّع على انهاء حالة الشّغور والبدء بعمليّة الإصلاح والنّهوض»، وعن تخوّف بعض المتابعين من احتمال أن تكون القوى المعارضة لخيار فرنجيّة تستند إلى موقف دوليّ وازن يرغب بتعكير الاتّفاق الإقليمي ينفي برّي هذه النّظريّة، فرئيس المجلس مقتنع بأنّ الهدوء في المنطقة مطلب دوليّ وإقليميّ، وأنّ المشكلة كانت وما زالت داخليّة.

قبل استئذانه لكتابة هذه السّطور، سألناه عن موقف التّيّار الوطنيّ الحرّ واحتمالات التّراجع عن سقفه العالي في مواجهة فرنجيّة والسّير بالتّسوية قال برّي: «الأمل موجود دائمًا».