بالأصالة عن نفسه، وبتكليف شرعي من المرشدية العليا للجمهورية، يلعب رئيس مجلس النواب اللبناني الدور الذي كان يلعبه الوصي السوري، طوال فترة احتلاله (وصايته تخفيفاً)، فلا حكومة تتشكل من دون موافقة أبي جمال وما دونه أحياناً، ولا رئيس للجمهورية يؤتى به لا يُفحص في قصر المهاجرين؛ فحص دم وفحص «أورال».
لا يكفي أن يستقبل «الإستيذ» كل ممثلي الأطياف السياسية، وكل ممثلي الدول كي يكون شخصية ديمقراطية منفتحة. وتعامله مع الملف الرئاسي يظهر إيمانه الراسخ بالديمقراطية ويُختصر بالآتي: أو رئيس جمهورية لي ولا يزعج «الحزب» أو رئيس لـ»الحزب» أو رئيس جمهورية «لي» ولـ «الحزب» والباقي تفاصيل وماكياج لإظهار أن الرئيس إنما جاء بقناعة المسيحيين والمسلمين.
إقفال بري مجلس النواب حال دون وصول نسيب لحود في العام 2007 إلى الرئاسة على الرغم من حيازته أكثرية الأصوات.
تعطيل «الحزب» وابتزازه أوصلا العماد عون إلى بعبدا بعد شغور قارب السنتين والنصف.
تعطيل الإستيذ، بالشراكة مع «الحزب»، جلسات الإنتخاب، ما هو سوى مزيج من «السلبطة» و»الإبتزاز».
في 4 آذار، أي قبل 58 يوماً، قال الإستيذ: ليتفقوا على مرشح ولننزل إلى المجلس ولم يفته تحميل المسؤولية لمن يعطّل النصاب. وبعده بـ12 يوماً قال شيخ الديمقراطيين نعيم قاسم: «قولوا أي مرشح تريدون أيَّاً كان هذا الموقف وتعالوا نتفق أو نتنافس ولكن لا تعطلوا. ارحموا الناس ولا تعطلوا».
إستجابوا وقالوا يا شيخ فماذا تقولون وماذا يقول «الإستيذ»؟
بحسب «الشرق الأوسط» بري لن يدعو إلى جلسة انتخاب «في غياب «التنافس الحقيقي» الذي يضمن الوصول إلى نتيجة من الجلسة خلافاً للجلسات الـ11 الفاشلة…
إن سلّمناً جدلاً أن التنافس بين ميشال معوّض وسليمان فرنجية وهميّ ولا يرتقي إلى التنافس حول البرامج والأهداف وخطط الطريق وإنقاذ البلد.
وإن سلّمنا جدلاً أن حفيد رئيس جمهورية سابق حمامة محبة وشخصية دولية وأن خصمه ابن رئيس جمهورية يفتقد الرؤية والحكمة والمعرفة وخامة الرئيس.
وإن سلّمنا جدلاً أن معوّض، مرشّح التحدي لو «طحّل» لن تتخطى أصواته الأربعين فماذا عن أصوات زعيم المردة وهي تطلع وتنزل فقط في بوانتاجات عين التينة؟
معوّض لا يحقق المنافسة الحقيقية فما اعتراض «الإستيذ» على جهاد أزعور، كمرشح معتدل مثقف إصلاحي يحظى بإجماع مسيحي وبتأييد ملحوظ من نواب يمثلون معظم القوى المعارضة، وحظّه في الفوز، في أسوأ الأحوال، لا يقل عن 50%؟
هو «الإستيذ» بري، رئيس البرلمان اللبناني أو رئيس مصلحة تشخيص النظام أو القائم مقام سلطة الوصاية كي يرفض أزعور أو يقبل به منافساً؟
هو، وللأسف الشديد، «إستيذ» في الإبتزاز. فـ»المنافسة الحقيقية» بنظره التي لا تحسم النتيجة لمرشح «الثنائي» الخجول بنسبة 200% ليست منافسة.