بعد التلويح بالعقوبات، التزم رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالسقف الزمني الذي أعلن عنه، وحدد جلسة 14 حزيران، ثم نام في سبات عميق، ولا يبدو أنه في وارد الدعوة قريباً لجلسة جديدة.
تتعدد الأسباب لذلك لكن كلها تتقاطع حول فكرة واحدة: إقالة المجلس النيابي من نفسه، والسطو على صلاحياته ومهماته وجوهر وجوده، لصالح مجلس فعلي يمكن السيطرة عليه، أعطى له الثنائي اسم «الحوار».
باسم الدعوة إلى الحوار، يتم على مراحل إفراغ المؤسسات الدستورية، وفي طليعتها مجلس النواب من أيّ صلاحية، وباسم الحوار، يتم إجهاض اتفاق الطائف، الذي يريد الثنائي تغيير توازناته، أيضاً باسم الحوار.
باسم الدعوة إلى الحوار، يقول الثنائي للجميع إنّ الانتخابات لا قيمة لها، وإنّ ما أفرزته من نواب وكتل هو مجرد فولكلور، ويقول إنّ القرار الحقيقي يؤخذ بعد حوار خارج المجلس النيابي، يتم فيه تبصيم الجميع على الرئيس، وإنّ حواراً آخر يمكن أن يتم لتشكيل الحكومات، لتبصيم الجميع مرة أخرى على الحكومات المسيطر عليها سلفاً.
يقول الثنائي للجميع إنّ الطائف لم يعد موجوداً، وإنّ الدستور بمؤسساته الهرمة، أصبح بمثابة كاتب عدل، تصدق عنده اتفاقات الحوار، ويقول للجميع إنّ أمامكم حليْن: إمّا القبول بما نفرضه عليكم بالحوار، أو الذهاب الى تعديل الطائف، بحيث نمسك مفاصل النظام، فلا نحتاج للحوار، وبحيث نشرّع السلاح على شكل «حشد شعبي»، فيكون قرار الدولة المركزي معنا، ويكون سلاح الأمر الواقع هو الفصل، والمرجع، وهو الغلبة الدائمة، التي تستتبع جميع المكونات اللبنانية الأخرى، وتنصب عليهم وباسمهم، دمى تسترزق الجلوس على الكراسي، ومن هم مستعدون للعب دور الدمى كثر.
منذ ما قبل العام 2005 وإلى اليوم، تم تجريب كل الحلول مع «حزب الله» وفشل الواحد تلو الآخر، كما كان يردد فارس سعيد دائماً، من دون أن ييأس. جرب التحالف الرباعي وسقط، وجرب اتفاق الدوحة وانتهى بإقالة سعد الحريري، جرب عهد ميشال عون فكانت الكارثة. وها هو «حزب الله» يريد أن يفرض على الجميع رئيساً وحكومة، عبر إملاء يسميه حواراً، ووجهته تغيير الطائف، وكسب المزيد من المواقع بداعي الغبن، وبهدف ترجمة فائض القوة.
لقد تم تجريب كل شيء، والنتيجة فشل مدو، وانهيار عميم، وبعد كل ذلك هل سيبقى يستغرب من يستغرب، كيف أنّ الدعوات إلى الطلاق، خرجت إلى العلن مطالبة، بالتوقف عن معالجة المرض العضال بحبوب الاسبيرين؟!