IMLebanon

بري يُوجّه صفعة مُزدوجة لـ “القوات” و”التيار”

 

يُتقن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كل فنون اللعبة السياسية اللبنانية. كيف لا وهو لاعب رئيسي ويدير الدفة في البرلمان منذ اكثر من 32 عاما. ولعل اكثر ما يستفزه هو التشكيك بدوره وبقراراته، وآخرها قراره مواصلة العمل التشريعي، في ظل استمرار الشغور الرئاسي. ما دفع قوى المعارضة للاستنفار والاعتكاف تصديا لاستمرار عمل المؤسسات الدستورية وكأن شيئا لم يكن، ما من شأنه برأيها ان يفتح الباب على شغور يستمر سنوات.

 

موقف المعارضة الذي يعبر عنه بوضوح حزب “القوات اللبنانية” لم يرق لبري، الذي واصل التشريع بعد ان أمّن له “التيار الوطني الحر” الغطاء المسيحي لاكثر من جلسة. اليوم ومع استحقاق تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون او تعيين بديل عنه، انقلبت الادوار. فبات “القواتيون” مَن يسعون لتأمين غطاء مسيحي لقرار يعتبرونه استراتيجيا ومصيريا للبلد، فيما “العونيون” يخوضون المواجهة وحيدين للتصدي لتأجيل تسريح عون، بعد ان تحول عدوا لدودا لرئيس “التيار” النائب جبران باسيل.

 

وبغض النظر ما اذا كان التمديد سيمر عبر الحكومة او مجلس النواب، في ظل استمرار تقاذف المؤسستين الطابة، ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول الخلفيات، تعتبر مصادر مطلعة ان “بري ضرب عصفورين بحجر واحد، وهنا نعني القواتيون والعونيون، اذ أجبر الأوائل على الاقرار بحتمية التشريع واهميته، فيما من المرجح ان يُجبر باسيل على تجرع كأس عون المر مجددا”، لافتة الى ان ما يحصل “فشل استراتيجي جديد للقيادات المسيحية ، التي يبدو ان بري يُتقن جرها الى ملعبه”.

 

وليس خافيا ان عداوة سياسية كبيرة تجمع بري وباسيل، تجعلهما يتخذان الكثير من القرارات بخلفية النكايات والنكد السياسي. بالمقابل، فان العلاقة الجيدة جدا التي كانت تجمع بري برئيس “القوات” سمير جعجع ساءت تدريجيا خلال العام الماضي، مع انتقاد الاخير اللاذع لعدم تشريع بري ابواب مجلس النواب لجلسات مفتوحة لانتخاب رئيس ، واستبدالها بجلسات تشريع. وها ان “ثعلب” السياسة اللبنانية يجد اليوم الظرف مناسبا جدا لـ “الانتقام” من “القوات” ، لذلك يلجأ لجدول اعمال فضفاض من دون ان يحسم حتى ما اذا كانت ستتم مناقشة اقتراحات القوانين المرتبطة بتأجيل تسريح قائد الجيش ام لا، ما يضع معراب امام خيارات صعبة جدا، فإما تشارك في جلسة وتغطي التشريع بغياب رئيس للجمهورية، فلا تكون جلسة واحدة انما اكثر من جلسة كما يخطط بري، او تتراجع بعد كل هذا الاحراج فيتراجع خيار التمديد لحدوده الدنيا، علما انها معركة قرر خوضها “القواتيون” بكل ما اوتيوا من قوة، ولا يبدو على الاطلاق انهم راغبون بالتراجع.

 

اما “العونيون” الذين يراقبون عن بُعد تخبط القوى الداعمة للتمديد، فلا زالوا يعولون على سقوط هذا الخيار، كي لا يضطروا للجوء لطعن سيرتد عليهم شعبيا، خاصة بعد اقحام المؤسسة السياسية في وحول السياسة والاجندات الشخصية.

 

وبهذا يكون بري ومعه حزب الله يديرون بمهارة اللعبة السياسية، مع تجنب مدروس لكشف كامل اوراقهم، وابقاء كل الخيارات مفتوحة في التعامل مع ملف قيادة الجيش، خاصة بعدما باتت واضحة الخلفيات الرئاسية لهذه الازمة. فرغم اقتناع الجميع بأن الجلجلة الرئاسية طويلة، بعدما باتت مرتبطة شئنا او ابينا بحرب غزة والمشهد المقبل للمنطقة، الا ان هؤلاء ايضا يعلمون ان اي خطوة ناقصة اليوم ستكون نتائجها كبيرة غدا.