Site icon IMLebanon

القائمقام

 

 

 

منذ البدء بتطبيق إتفاق الطائف، بالترجمة السورية، بات رئيس الجمهورية اللبنانية، عملياً مساوياً للرئيسين الثاني والثالث في الأهمية، وهذا ما أدركه زوّار لبنان الكبار فحرصوا في كل زيارة على لقاء سيد بعبدا/ ثم أستاذ عين التينة/ ثم دولة رئيس مجلس الوزراء في السراي. أو بالعكس السراي/ عين التينة / بعبدا. في كل قصر ثلة تشريفات وموسيقى تعظيم. أما إذا كان المسؤول الزائر إيرانياً فيجول على الرؤساء و»مرشدهم». وفي حال كان الضيف فرنسياً «باب أول» فبكركي محطة رابعة لا تقل شأناً عن الصروح الثلاثة.

 

يوم كان عبد الحليم خدام الحاكم بأمره ما كان يحمّل نفسه عبء التنقل بين القصور. فيجمع الثلاثة في بعبدا لمصالحتهم إن دب الخلاف بينهم أو لنقلِ إليهم توجهات سيادة الرئيس. فهو غير مضطر لـ «تكرار الدرس» ثلاث مرات. ومن تجرّأ بينهم أن يعتذر عن الحضور أكان من بيت كرامي أو من آل الهراوي أو من عيلة بري؟ وسبحان الحي الباقي.

 

استذكرت الأيام الخوالي لحظة وقع نظري على هذه الجملة: «الرد اللبناني على الورقة الفرنسية تم وضعه بين رئيس المجلس وحزب الله».

 

في الأساس لماذا تذهب ورقة وزير خارجية فرنسا إلى الرئيس بري وليس إلى وزير خارجية لبنان عبدالله بو حبيب؟ وإذا كانت «الورقة/ المسوّدة» مرسلة من الرئيس إيمانويل ماكرون، بواسطة ستيفان سيجورنيه ألا يفترض أن يحملها إلى القائم مقام الرئيس، أي الحكومة اللبنانية؟

 

حسنا، لربما ظن الشاب الأغر أن صلاحيات دولة الرئيس يائيل براون- بيفيه كما يعرفها، متمايزة عن صلاحية دولة الرئيس نبيه بري. فيائيل تستمد صلاحياتها من دستور الجمهورية الفرنسية والـ»إستيذ» يستمد صلاحياته من الله عز وجلّ. وما أعطاه إياه الله لم يُعطَ لأحد سواه.

 

لم يفكر رئيس مجلس النواب للحظة، أن يحيل الورقة الفرنسية، والمتضمنة ما يشبه خارطة طريق لتنفيذ القرار 1701 إلى الحكومة، أو إلى الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشتها بجلسة واحدة مع مشروع الهبة الأوروبية. بل ارتأى إحالتها إلى معاونه ومعاون السيد، كوكيلين عن «الثنائي» المعني حصراً بالجنوب قبل «الطوفان» وبعده. درس الأخ والحاج الورقة درسا مستفيضاً. وصلا الليالي بالنهارات وعُهِدَ إلى الأخ علي تدوين الملاحظات باللغة اللاتينية. سلمت الورقة مع حواشيها إلى القائم مقام رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية بسبب الشغور من جهة والعجز من جهة ثانية، وسعادة القائمقام أعادها بدوره إلى ساعي الخير الفرنسي المنبهر بما شاهد وسمع.