تكوّنت لدى اللبنانيين قناعة أن ليس من هو أحرص من «الإستيذ» على إجراء الإنتخابات الرئاسية بأسرع ما يمكن، ويُلاحظ ذلك من حجم التسهيلات والمسهّلات والتنازلات التي قدمّها رئيس مجلس النواب، بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن محور ليبرالي يمتد من البازورية إلى كابول، مروراً بغزة ودمشق وصعدة وبوغوتا وطهران وأذربيجان.
وبلغت مرونة رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيال تعنت الآخرين، حدّها الأقصى إلى درجة أنه قبل بطاولة «تشاور» برئاسته أو طاولة «مداولات» برئاسته أو طاولة «مفاوضات» برئاسته أو طاولة «جوجلة» أسماء و»مخمخة» أفكار برئاسته، لاختصار عمر الأزمة الرئاسية.
ولا يبزّ بري في الحرص على الدستور إلّا أعضاء كتلة الوفاء لفلسطين الحبيبة. فأكثر ما يقلق كبير الدستوريين الحاج محمد رعد هو لجوء بعض النواب إلى سياسة النكد والتعطيل في وقت نحن في أمس الحاجة إلى انتخاب رئيس. ورغم أهمية الحرب التي تحظى بإجماع اللبنانيين ودعمهم غير المشروط، تبقى الإنتخابات الرئاسية، بالنسبة إلى الحاج وإخوانه، أولوية مطلقة.
تكتل الجمهورية القوية، حكيماً وأعضاء، مع الإنتخابات الرئاسية وفق ما ينص عليه الدستور. تطبيق المادة 73 من الدستور قبل وصايا الله العشر.
«لبنان القوي» بجبرانه مع اجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها. هذا ما نادى به العم والصهر والرسل في العام 2014 وما ينادون به اليوم.
الرباعي الوتري، أي فرنجية والمر والخازن وطوق، مع إجراء الإنتخابات دونما إبطاء، وبانضمام جورج بوشكيان إلى الأربعة الكبار لا بد أن تتحرك عربة الرئاسة مع أجمل المعزوفات!
وليد البعريني وإخوانه يعملون بكل طاقتهم لاستيلاد رئيس. سجيع عطيه يحاول سحبه من رحم الأزمة المستفحلة والدكتور الحوت يشجعه.
كتلة التوافق تطالب ليلاً ونهارا بانتخاب رئيس. ومين ما يكون له «بوسة» من فيصل أفندي.
ألوية الثورة البرلمانية طلع على لسان ملحمها شعر وهو يطالب بجلسة مفتوحة بدورات متتالية. والرئيس بري متجاوب وهو «يشاور» نفسه و»يحاور» ذاته منذ سنتين حول هذا الموضوع بالذات.
نواب بيروت السنة، نائبا صيدا السنيين، نائب زحلة السني قاسم هاشم شخصياً، جهاد الصمد بشخصه «سميي» دكتور الحوت، نواب كتلة تجدد، والطاشناق، والكتائب اللبنانية، والنجادة، وصرخة وطن، وكتلة الآهات وجوقة الطرب الأصيل مع الإنتخابات الرئاسية في موعدها.
راجعتُ. دققت ومحّصت بتصريحات نواب كتلة اللقاء الديمقراطي برئاسة تيمور بك، العميد طالوزيان، غسان سكاف، والياس بو صعب بكل ثقله النوعي. قرأت مقابلات المستقلّين والحزبيين والعلمانيين ولم أجد معرقلاً واحداً لعملية انتخاب رئيس للجمهورية. لكن شكوكا تراودني بشأن دور سلبي يلعبه النائب جميل عبود. أعتقد أن جميلاً وراء تعطيل الإنتخابات الرئاسية لسبب لا يزال غامضاً.