Site icon IMLebanon

برّي: الرئيس في اليوم العاشر للحوار

 

 

في الاسابيع الاخيرة لم يعد من حديث سوى عن الحوار. بين مَن يدعو اليه، ومَن يؤيده بحماسة، ومَن قَبِلَ به بتحفظ وعلى مضض، ومَن اخيراً يرفضه تماماً. اصبح الحوار ـ او التشاور تخفيفاً ـ مرادفاً لانتخاب الرئيس او المراوحة في الشغور

 

انتخاب رئٍيس للجمهورية هو الاستحقاق الاصل. الا انه اضحى الآن هامشياً وثانوياً. اقرب الى جَمَلٍ يُراد ادخاله من خرم إبرة او الحؤول دونه. هي حال انتخابات الرئاسة مذ فقدت سهولة حصولها في حقبة ما بعد اتفاق الطائف عندما كانت مرجعية دمشق في لبنان تمررها في المهلة الدستورية، وبالاكثرية الموصوفة، وباعتراضات متواضعة غير ذات شأن. تذهب بها الى ابعد من ذلك بتعديل المادة 49 في الدستور وتمديد ولاية الرئيس، بلا اوهام ولا اخطار. لم تكن آنذاك ثمة حاجة الى جَمَل ولا إبرة. بعد مغادرة سوريا لبنان، انتخابان لرئاسة الجمهورية تأخر موعداهما الدستوريان ستة اشهر في المرة الاولى عام 2008، وسنتين ونصف سنة في المرة الثانية عام 2016. كل منهما احتاج الى ادخال الجَمَل في الإبرة. في نهاية المطاف، ما ان يُنتخب الرئيس يتيقن الجميع، بعد طول شقاء وسجال واجتهادات وتنازلات واحياناً خضات، من ان عامل القوة والاضطرار كان يدخل الجَمَل في الإبرة.

دونما استعانته بآية الاصحاح 21 في انجيل متى، يقول رئيس البرلمان نبيه برّي ان ايسر الطرق الى انتخاب رئيس الجمهورية هو الحوار. بلا حوار لا رئيس للبلاد. هو المغزى نفسه المجرَّب في المرتين السابقتين للاستحقاق الذي لم يتحقق سوى بالحوار: عام 2008 جلس الافرقاء اللبنانيون وجهاً لوجه الى طاولة الدوحة واتفقوا على تسوية اول بنودها توافقهم على انتخاب المرشح الوحيد رئيساً. عام 2016 تكرر الامر على نحو مختلف. الا انه انبثق من حوارات ثنائية كبرى لم يغب عنها حلفاء المتحاوريْن اجتمعت على انتخاب المرشح الوحيد.

في اعتقاد رئيس المجلس ان الامر اسهل بكثير اليوم: «الاطراف جميعاً وافقوا على الحوار ما عدا واحداً لا يريده. اسمع الرافضين يقولون انهم ضد طاولة حوار رسمية. متى جلسنا الى طاولة حوار رسمي ومتى كان الحوار رسمياً؟ لم يكن كذلك في اجتماعات اتفاق الطائف ولا في اجتماعات اتفاق الدوحة ولا بينهما عام 2006 ولا في ما بعد. الرسمي الوحيد المطلوب الآن هو انتخاب الرئيس فقط، وهو الذي يكرّس دستورياً نتائج الحوار».

ما يورده رئيس المجلس في موقفه:

1 ـ خلافاً لما يقول به رافضوه «الحوار الذي ادعو اليه تجاوز الاسماء كما تجاوز الاسم الذي يتوجسون من انتخابه. قالوا انهم ضد ترشيح سليمان فرنجيه فقلت لهم انه ليس وحده المرشح، بل هو واحد من مرشحين تجري جوجلة اسمائهم على طاولة الحوار. اذا توافقنا على واحد اياً يكن نذهب الى انتخابه للفور. سوى ذلك نطرح اسماء مرشحين ونذهب من ثم الى جلسة الانتخاب بمرشحيْن او ثلاثة او اربعة، وليفزْ مَن يحزْ اكثرية الفوز. الحوار الذي ادعو اليه ليس من اجل انتخاب فرنجيه، بل الرئيس الذي يحظى بتوافق الافرقاء».

2 ـ الحوار لعشرة ايام فقط في نهايتها انتخاب الرئيس حتمي و»قد تعهّدت بذلك امام كل من تحدّث معي.

في اليوم العاشر سيكون لدينا رئيس للجمهورية. لا احد يملك ان يحرم احداً حقه في الترشح، وليس لاحد ان يُحرِّم على اي فريق ان يكون له مرشح. الاحتكام الى التصويت في جلسة الانتخاب. المدعوون الى الحوار لن يزيدوا عن 16 هم رؤساء الكتل النيابية لا رؤساء احزاب الكتل. هؤلاء يغطون اكثر من ثلثي مجلس النواب، وهو النصاب المطلوب لعقد جلسة انتخاب الرئيس سواء فاز من الدورة الاولى او من الدورة الثانية او التي تليها».

يضيف: «الاساس اذاً هو نصاب الثلثين الذي يعكس توافقاً وطنياً عندما يلتئم بهم المجلس للتوصّل بعدذاك الى انتخاب الرئيس. كل فريق حر في مَن يرشحه او مَن يقترع ضده. هذا في جلسة الانتخاب. قبل ان نصل الى اللحظة هذه، يقتضي مقاربة الاستحقاق برمته بتفاهم واسع يؤمن الانتقال من انتخاب الرئيس الى المعضلات التالية التي سنجببها لاحقاً: تسمية الرئيس المكلف وتأليف الحكومة. نعرف صعوباتهما تماماً بعدما جرّبنا طويلاً الاشهر التي يستغرقانها. نحن الآن احوج ما نكون الى توافق على اختصار المهل لاعادة بناء السلطة الاجرائية بدءاً بانتخاب الرئيس».

شرطي الوحيد في الحوار عدم مغادرة جلسة الانتخاب وتعطيل النصاب

 

3 ـ يقول رئيس المجلس ان الشرط الاساس لانعقاد الحوار، ويصفه بالقاسم المشترك المُلزم، هو «تعهد المشاركين فيه بأن لا يغادر احد جلسة الانتخاب في المرحلة التالية اياً يكن موقفه من المرشحين. سادعو الى دورة اقتراع تلو دورة الى ان ينتخب الرئيس. في نهاية المطاف الاحتكام هو الى اصوات الفوز عملاً بالدستور».

يضيف: «استمرار نصاب الثلثين في الجلسة اهم عندي من انتخاب الرئيس لأنه الضامن الفعلي لكي يكون لدينا رئيس للجمهورية».

4 ـ لا يزال متمسّكاً بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه مذ سمّاه للمرة الاولى في آذار 2023: «رشحته بعد احدى عشرة جلسة انتخاب كان المرشح الوحيد فيها ميشال معوض. طوال احدى عشرة جلسة (بين 29 ايلول 2022 و19 كانون الثاني 2023) الرقم الاعلى من الاصوات حصل عليه كان 44 صوتاً فقط، بينما فريقنا صوّت بالاوراق البيض. رشحته كي يكون ثمة مرشح ثان، وهو ما حصل في الجلسة الثانية عشرة (14 حزيران 2023) وبيّنت ان الحوار اصبح اكثر من ضروري لانتخاب الرئيس بعدما تأكدنا جميعاً بأن احداً لا يسعه فرض انتخاب مرشحه، ولا منع الفريق الآخر من اختيار مرشحه. انا وفريقي سمّينا فرنجيه، وليسمِّ سوانا اسماً آخر. اخيراً قال النائب جبران باسيل انه مع الحوار الذي ادعو اليه بعد ممانعة. اعرف سلفاً انه ضد سليمان فرنجيه وسيقترع ضده او يكون له مرشح ينافس فرنجيه. لم يمنعه ذلك من القول انه يشارك في الحوار. كذلك يقول الافرقاء الآخرون».

5 ـ من غير الوارد في حسبان برّي «الذهاب الى جلسة انتخاب رئيس لا نعرف مَن يترشح فيها ولا مَن سيُنتخب. لم يسبق ان حدث في تاريخ انتخاباتنا الرئاسية ان دخل النواب الى جلسة انتخاب لا يعرفون المرشحين فيها. قبل اتفاق الطائف كما بعده والامثلة عدة، يُعرَف الرئيس المنتخب قبل الوصول الى الجلسة عندما يصير الى التوافق عليه، او يتنافس مرشحان معلنان او اكثر».