إسرائيل بلا إستراتيجية هادفة سوى القتل العشوائي
يتم منذ فترة التداول في معلومات عن ضغوط أميركية وغربية كثيرة تمارس على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بهدف القبول بما تطرحه الإدارة الأميركية عبر موفدها آموس هوكشتاين ومِنْ خلفها حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي، حول ترتيبات وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 والآليات والتفاصيل المتعلقة بهذا الأمر، ليُصار بعدها الى معالجة وضع الحدود بصورة نهائية.
وربط بعض المتابعين مؤشرات هذه الضغوط عبر: أولاً تسريب معلومات قبل أشهر عن احتمال فرض عقوبات أميركية على برّي، ثم لاحقاً ومؤخراً عبر استهداف العدو الإسرائيلي بالتهديد والتدمير مناطق جنوبية وفي الضاحية الجنوبية لبيروت محسوبة على حركة أمل مثل مدينتي صور والنبطية وقرى ومناطق أخرى، ومثل الغارة الأخيرة على منطقة الجناح قرب مستشفى رفيق الحريري الحكومي، وقبلها وبعدها منطقة الشياح معقل الحركة في الضاحية، واستهداف فرق اسعاف ومقرات كشافة الرسالة الإسلامية، وبعض كوادر «أمل» الذين ارتقوا شهداء، وأخيراً الترويج لوجود أموال وذهب في أنفاق تحت مبنى مستشفى الساحل بمنطقة الغبيري، الذي يعود بملكيته وإدارته الى عضو كتلة بري النيابية النائب الدكتور فادي علامة وعائلة والده المرحوم الدكتور فخري علامة.
ويقول النائب علامة لـ «اللواء»: ان استهداف مستشفى الساحل بمثل هذه الشائعات عن وجود أنفاق وأموال لحزب الله تحتها، ليست فقط من باب الضغط على الرئيس بري، إنما هي أيضاً من ضمن حملة إسرائيلية شرسة لتدمير القطاع الصحي في لبنان اسوة بما قام به الاحتلال في قطاع غزة من تدمير المستشفيات والمرافق الصحية والخدماتية، والدليل استهداف مستشفى بهمن أكثر من مرة ومستشفى الحريري الحكومي ومحيط مستشفى الزهراء أيضا في منطقة الجناح، ومراكز طبية وإسعافية كثيرة في الجنوب والبقاع.
وأوضح علامة ان هذه الشائعات اضطرت إدارة المستشفى الى إخلائها بالكامل وإقفالها أمام استقبال الحالات الطارئة من مصابين نتيجة العدوان ومرضى، وهي المرة الأولى في تاريخها التي تقفل فيها المستشفى، لكننا نعمل ما يتوجب علينا لإعادة العمل بها بعد ثبوت بطلان ادّعاءات العدو الإسرائيلي وبشهادة وزير الدفاع الأميركي لويد اوستن قبل يومين. وقال: نحن نعمل لكن لا نعلم ماذا يُبيّت نتنياهو بعد، فهو ماضٍ في برنامجه التدميري ولا يردّ على أحد ولا يردعه أحد.
ويشير النائب علامة في الجانب السياسي، الى ان ما طرحه الموفد الأميركي هوكشتاين في زيارته الأخيرة لبيروت لاقى جواباً واضحا من لبنان عبر الرئيس بري بالنسبة لآليات تطبيق القرار 1701، ومطالب لبنان واضحة جداً وتتلخص بوقف العدوان أولاً والبدء بتنفيذ آليات القرار 1701، لكن مطالب الاحتلال الإسرائيلي تعجيزية، (وتردد ان الرئيس نجيب ميقاتي أبلغه خلال لقائه به انها غير قابلة للتحقيق)، وهو يطرحها مع علمه انها غير قابلة للتطبيق من جانب لبنان، لكن نتنياهو يريد استكمال الحرب ويرى في الانتخابات الأميركية الرئاسية قريباً فرصة له يحاول استغلالها لتحقيق شيء ما، لكنه لا يعرف كيف إذ لم تؤدِّ الى نتيجة إيجابية له حتى الآن، ومع ذلك فهو ماضٍ في التدمير وفي المواجهة البرّية.
هذه المؤشرات معطوفة على ما سبق من وعود ومواقف أميركية على لسان أكبر مسؤولي الإدارة حول «دعم استقرار لبنان والمساعي لوقف الحرب وتحييد المدنيين والجيش اللبناني وقوات اليونيفيل الدولية»، وجرى تنفيذ عكسها عبر دعم توسيع العدوان الجوي ومحاولات التقدم البرّي لإقامة منطقة عازلة عند الحدود، تدلّ على ان الكيان الإسرائيلي لم يشبع بعد من الدم اللبناني، لأنه استنفذ كل ما أسماه بنك الأهداف العسكري للمقاومة ولم يتمكن من إنجاز ما وعد به جمهوره من إضعاف قدرات المقاومة، بل بات بلا استراتيجية واضحة سوى العمل العسكري تحت عنوان تدمير كل شيء البشر والشجر والحجر، مفترضاً انه يحقق مكاسب على الأرض، خاصة خلال مراحل التفاوض مع لبنان التي كان يتولاها هوكشتاين والتي أرادها نتنياهو تحت النار ووافقته عليها الإدارة الأميركية، بما فيها التفاوض تحت الضغط السياسي على الرئيس بري عبر إرسال إشارات كالتي أوردناها، والضغط الميداني على المقاومة، لكنها لم تؤدِّ غرضها.
وكان جواب إسرائيل على جواب لبنان المبدئي والسيادي على العروض التي قدمها الموفد الأميركي، مزيداً من القتل المجاني والعشوائي والتدمير وتهجير الجنوبيين عند قرى الحد الأمامي في مناطق لثنائي أمل وحزب الله فيها جمهور واسع من الجنوب الى الضاحية فالبقاع الأوسط والشمالي والغربي علّ الضرب القاسي يفكّ حديد الموقف الثابت.