دارت عجلة التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون مع اقتراب إحالته على التقاعد. أولى الإشارات التي أرسلها رئيس مجلس النوّاب نبيه بري كانت دعوته إلى جلسةٍ نيابية تعقد الخميس، ورئاسته اجتماع هيئة مكتب مجلس النوّاب، أمس، في مقر الرئاسة الثانية، حيث أُدرجت اقتراحات قوانين التمديد على الهيئة العامّة، إضافةً إلى اقتراحات أخرى. كلّ ذلك، أوحى بأنّ التمديد لعون صار واقعاً، من دون أن يُعلن بري موقف نوّاب كتلة التنمية والتحرير بحضور الجلسة وتأمين نصابها من عدمه، إذ يؤكّد عدد من أعضائها أنّهم «سيتناقشون في الأمر في اليومين المقبلين، على أن يُعلنوا موقفهم الذي ينسجم مع الضرورات الوطنيّة». وعن سبب التأخير في تحديد الموقف، وخصوصاً بعد الدّعوة إلى الجلسة، يجيب هؤلاء: «ما يشغل بال بري حالياً هو وقف إطلاق النّار».
حتميّة التمديد لم تحلّ مسألة الصيغة التي سيتوافق عليها النوّاب بعدما تكفّل عدد منهم بتقديم اقتراحات قوانين أدّت إلى «عجقة» مشاريع جرت مناقشتها خلال جلسة هيئة المجلس. وتتراوح المشاريع السبعة التي قٌدّمت بين رفع سن التقاعد لقائد الجيش وحده (اقتراح حزب القوات اللبنانيّة)، والتمديد لقادة الأجهزة الأمنيّة ممّن يحملون رتبة عماد ولواء (اقتراح تكتّل الاعتدال) كما حصل السنة الماضية، مروراً بالتمديد لهؤلاء مع إضافة من يحملون رتبة عميد في جميع الأسلاك الأمنيّة (اقتراح النائب جميل السيد واقتراح ثانٍ تقدّم به النائبان نبيل بدر وعماد الحوت)، وصولاً إلى التمديد لجميع العسكريين في جميع الأسلاك وحتّى العاملين في القطاع العام (اقتراح النوّاب: فيصل كرامي وحسن مراد وعدنان طرابلسي وطه ناجي ومحمّد يحيى).
«لا مشكلة في توسيع المروحة»
المؤكّد حتّى السّاعة هو التمديد لعون، ومعه رؤساء الأجهزة الأمنيّة الأُخرى (بمن فيهم المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري). إلا أنّ إمكانيّة أن يشمل القانون الذي سيُقرّ التمديد ضبّاطاً آخرين، وتحديداً العمداء، سنة إضافيّة، لم تُحسم بعد بانتظار بدء المشاورات بين الكتل النيابيّة حول هذا الاقتراح. لكن ما يُرجّح هذا السيناريو هو إعلان بعض النوّاب، كجميل السيّد، عدم المُشاركة في جلسة تمديد ما لم تشمل الضبّاط الذين يحملون رتبة عميد، باعتبار أنّ القسم الأكبر من المُحالين على التقاعد سيكونون ممّن يحملون رتبة عميد (آخرون يتقاعدون من ضبّاط الصف من دون أن يحملوا هذه الرتبة) والذين يتسلّمون حالياً مراكز أساسيّة كقادة الألوية والسرايا والأفواج، إضافةً إلى الظلم الذي يلحق بهم من جراء التمديد لعون وحده.
وعليه، لا يبدو مستبعداً أن تتفق الكتل النيابيّة خلال السّاعات المقبلة على اقتراح السيّد، وهو بالصيغة نفسها لاقتراح بدر والحوت.
وإذا كان بعض المعنيين يشيرون إلى النفقات التي تتكبّدها خزينة الدّولة من جراء هذه الصيغة، فإنّ «نَفَس» بري خلال الاجتماع أمس، فتح الباب ليشمل الاقتراح العمداء، وخصوصاً بعدما أكّد رئيس المجلس أن لا مشكلة لديه بشأن توسيع مروحة الاقتراح، باعتبار أنّ التمديد لشخص واحد يظلم ضبّاطاً آخرين، وهو ما قاله سابقاً أمام بعض ضبّاط المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي زاروه في عين التينة.
التمديد للمكلفين بمهام عملانيّة؟
بناءً على ذلك، بدأت الاتصالات بين الكتل النيابيّة للاتفاق على الصيغة النهائيّة للتمديد قبل موعد الجلسة بعد غدٍ، مع أرجحيّة الاتفاق على صيغة اقتراح السيّد. أمّا في حال عدم حصول أي اقتراح على أكثريّة النوّاب، فإنّ الاقتراحات الـ 7 ستطرَح خلال الهيئة العامّة للتصويت عليها كما هي أو دمج بعضها.
في المقابل، يطرح البعض إمكانيّة عدم السيْر بالتمديد لجميع الضبّاط الذين يحملون رتبة عميد، وإنّما اختيار المكلّفين منهم بمهام عملانيّة (كقادة الألوية والأفواج في الجيش) لتوافقها مع فكرة الطارئ التي يُبنى عليها قانون التمديد. فيما يعتقد بعض النوّاب أنّ هذا الأمر سيطرح الكثير من العقد مع استنسابيّة ستحصل في حال إقراره، وخصوصاً أنّ ذلك يعني التمييز بين العمداء أنفسهم، كما أن المهام العملانية الواضحة في الجيش لا تنطبق على المهام في قوى الأمن الدّاخلي مثلاً.
وإلى جانب التمديد لقائد الجيش، اصطدمت المشاورات بعائق استحالة التمديد لرئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبّود، في سياق التمديد لرؤساء الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة، ما سيحتّم فقدان النصاب في المجلس مع إحالة عبود وبعض القضاة إلى التقاعد، وهو ما دفع بالنائب علي حسن خليل إلى تقديم اقتراح معجّل مكرّر يقضي بإضافة فقرة على المادة الرقم 2 في المرسوم الاشتراعي الرقم 150 تاريخ 16/9/1980 (قانون القضاء العدلي): «عند انتهاء الولاية، وباستثناء حالة بلوغ السن القانونية، يستمر الأعضاء الذين انتهت ولايتهم في ممارسة أعمالهم إلى حين تعيين بدلاء منهم وحلفهم اليمين…». وكما في موضوع التمديد، بدأت المشاورات بشأن هذا الاقتراح وما إذا كان هناك إمكانية لتمريره مع افتقاد مجلس القضاء نصابه في بداية السنة المقبلة.
في المقابل، أشار نائب رئيس مجلس النواب، الياس بوصعب، إثر اجتماع هيئة المجلس، إلى أنّ «المجلس يحقّ له التشريع، إنّما هو حريص على أن يكون جدول الأعمال مخفضاً لتشريع الضرورة، باعتبار أن هناك الكثير من المطالب من كتل سياسية وهي تؤخذ في الاعتبار»، عارضاً لمشاريع: الصندوق السيادي اللبناني، مشروع القانون الوارد في المرسوم 9910 الذي له علاقة بالجمهورية اللبنانية والاتحاد الدولي لجمعية الصليب الأحمر والهلال الاحمر، إنتاج الطاقة المتجددة الموزعة، قانون «كابيتال كونترول»، وعريضة بشأن موضوع النازحين السوريين.