IMLebanon

برّي القويّ

 

 

لا أحد أقوى من رئيس مجلس النواب نبيه بري هذه الأيام.

 

هذا ما بيّنته حاجة “العهد القوي” إليه، بعدما فاض منسوب الفشل في القُدرة على تحقيق أي إنجاز فِعلي في إدارة البلاد والعِباد. وهذا ما فرضته نسبة الـ97% من الإنجازات الخُنفشارية لهذه الحكومة الدونكيشوتية. وإذا كانت القوّة هي الإدّعاء الوحيد للعهد، حتّى يُشرعن الإستفراد بالسلطة، والتحكّم بالمؤسسات وتركيب الصفقات على قياسه، فقد سقط في الإمتحان، لا سيما بعدما أصبح فرض الحب بالقوّة والإحترام بالقوّة، آخر إنجازاته الميمونة. بحيث لم نعُد ندري إذا كانت أزمة لبنان تتعلّق بوضعه الإقتصادي، أو بالوضع النفسي لمن يشعر أنه غير محبوب وغير مقبول، وداره مهجورة ينعق فيها البوم. ولتعويم هذا العهد ورفع معنوياته، كان لا بدّ للمشغّل الإقليمي من إجراءات إسعافية سريعة تُلملم الفشل والسقوط، وتُساعد على تجاوز قطوع العقوبات.

 

وتحديداً، بعدما تبين لهذا المُشغّل أنّ السلاح لم يُؤتِ ثِماره، مُقابل الضغط الإقتصادي الخارجي في هذه المرحلة الإقليمية الحرجة. فالتهديد الثلاثي بـ”نحنا حنقتلك” لا ينفع، والتوجّه شرقاً لن ينفع، كما لن ينفع اجتماع للتكاذب.

 

فمن يجوع سيبيع سلاحه ليُطعم أولاده، كما سيبيع ثيابه وعفش بيته، ذلك أنّ الجوع أقوى من السلاح… وليس الترويج للصبر هو الحلّ.

 

بالتالي، وفي خضمّ هذه السقطات، لم ولن يتوفر أفضل من الرئيس بري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ليس من الإنهيار المالي الذي تُسرِّعه بدائية التكنوقراطيين، ولكن من الإنهيار المعنوي الذي يتكشّف مع كل “دعسة ناقصة”، وما أكثرها، للمُنقلبين على أنفسهم وعلى تصريحاتهم وعلى إتهاماتهم، بعدما أفلسوا. وقوّة الرئيس بري في حِنكته وحِكمته، حتى يُهندس للبدائيين التكنوقراطيين براءة ذمّة مسلكية، تحت عنوان العمل على بناء هيكل “التهدئة وتدعيم السلم الأهلي”، بما له من “مونة” على الطبقة السياسية المسؤولة عن “الإنهيار المالي الكبير والفساد والنهب والإنقلاب والغرف السوداء والإبتسامات الصفراء”.

 

الا أنّ هذه القوة لن تُحقّق هدف “التهدئة وحماية السلم الأهلي” عبر ترتيب اجتماع، بالتزامن مع قمع من تسوّل له نفسه استخدام الكلمات، ليُعلن رفضه القتل المتواصل لمُقتدرات الشعب وتجويعه بسبب الغباء في إدارة شؤون البلاد، أو حتّى الهروب الى الأمام، عبر ضخّ دولارات لدى الصرّافين، تسهيلاً لنهبها. والأهمّ أن الطبقة السياسية المدعوّة الى الإجتماع، هي في الأصل أعجز من أن تؤمّن “التهدئة والسلم الأهلي”، المُهدّدين بعلّة معروفة، ولا ينفع التعالي والنكران لمداواتها. بالتالي، جُلَّ ما تستطيعه وتحلم به هذه الطبقة المُستسلمة للعلّة، هو ترك هؤلاء الضعفاء والعاجزين ليتساقطوا، عِوض المساهمة في حفظ ماء وجوههم التي تقطع الرزق، اليوم أكثر من أي وقت مضى. وقوّة الرئيس بري ليست في تحقيق فعل الإجتماع إن حصل، وانّما في الحاجة إليه لتجميع شظايا العهد القوي، ومعه هذه الحكومة المنكوبة بمن فيها، مع معرفته بأنّ الصورة مع من لا يملك شروى نقير لا تُغريه، كما لا تُغري المُبعدين عن جنّة الحكم.