IMLebanon

فرنسا: البرلمان هو الميدان

 

في كلامه لـ»الجمهورية»، تمنّى رئيس مجلس النواب نبيه بري على اللجنة الخماسية عدم فرض ما تريده هي بل «مساعدتنا في تحقيق ما نريده نحن وما يريده لبنان»، فهل أراد بكلامه الكشف عن أنّ اللجنة الخماسية تحاول فرض أمر ما على لبنان لا يمكن القبول به! وإذا كان الأمر كذلك، فماذا طرحت الخماسية؟ وماذا قصد بري في كلامه؟

أوضحت ‏مصادر ديبلوماسية فرنسية لـ«الجمهورية»، أنّ بري أراد تذكير «الخماسية» بدورها ليس إلّا، وهذا الموقف هو الذي يعبّر عنه أساساً أعضاؤها الذين خلصوا بالإجماع، إلى عدم الدخول في «معضلة» الأسماء بمن فيهم المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، الذي كان واضحاً جداً عندما قال: «جئنا ليس لفرض اسم رئيس بل للعمل على الإطار الذي تتوافق عليه كافة الأطراف اللبنانية».

 

وأكّدت المصادر الفرنسية لـ«الجمهورية»، أنّ من المهم، «ألّا يشكّل الاسم استفزازاً لبعض اللبنانيّين، حتى لا يزيد الانقسام والتشرذم»، لافتةً إلى أنّه حتى الولايات المتحدة التي قيل إنّها رشحت اسماً معيّناً في بداية «حرب الستين يوماً» هي اليوم على «الموجة» الخماسية نفسها، أي الاتفاق على عدم دخول المجموعة في التسمية.

‏وأضافت المصادر: «هو نوع من امتحان لمدى القابلية اللبنانية في أن تدير الحكم بنفسها بلا وصاية خارجية، غربية أو إيرانية، وهو الوقت المناسب للبنانيّين لإيصال رسائلهم ونياتهم إلى المجتمع الدولي ومدى قدرتهم على إنتاج الحلول السياسية من دون العودة إلى مرجع أو وصاية».

وترى المصادر الديبلوماسية الفرنسية، أنّ التوجّه العام لصورة الرئيس المقبل يبدو نحو رئيس يحظى بإجماع الأطراف اللبنانية، أي الخروج تلقائياً من فكرة «رئيس استفزازي»، الأمر الذي قد يحتّم خروج بعض الشخصيات التي تسجّل مواقف حادّة بالنسبة إلى ترشيحها حكماً من السباق الرئاسي.

لودريان والعودة السابعة

وتنقل المصادر عن لودريان وصفه لجلسة مجلس النواب الأخيرة بأنّها صحية، وكانت نوعاً من تعبير ولو خجول، إلى انتظام العمل الديموقراطي. أمّا بالنسبة إلى حضوره الجلسة فحصل بالمصادفة، لأنّها تزامنت مع موعده للقاء بري ولم يكن محضّراً لها مسبقاً… وأضافت المصادر، أنّه بعد زيارته السابعة للبنان أصبح لودريان متمرّساً في اللعبة الداخلية، وتأكّد له الانطباع الذي كوّنه عن الانقسام الشديد، وإلى الحاجة الملحّة لاعتماد مجلس النواب المكان الوحيد لحل المشكلات بين اللبنانيّين، وإعادة نوع من اللحمة بين مختلف الأطراف بهدف إعادة ترميم الدولة اللبنانية الجامعة لكل الأطراف، من دون أن يكون هناك نوع من انكسار لفريق أو فوز فريق على فريق آخر.

في اختصار، ما خلص إليه المبعوث الرئاسي الفرنسي بعد جلسة التمديد، هو أنّ مجلس النواب هو الميدان المناسب للمعركة والحل.

لا لوائح ولا أسماء

و‏بالنسبة إلى جولة لودريان على بعض الأطراف، كشفت المصادر الديبلوماسية الفرنسية أنّه لم يحمل أسماء، كما لم يطلب لوائح، إنّما من المؤكّد أن يكون لفرنسا أو لبقية الدول «فيتوات» على أسماء «مافيوزية» مستفزة، علماً أنّ تلك الدول لن يكون لديها حتى «فيتوات» على تلك الأسماء! إنّما على المبدأ.

وكشفت المصادر نفسها، أنّ المجتمع الدولي فهم أخيراً أنّه إذا أخطأ ودخل في الأسماء فذلك لن يساعد المرشح المطروح بل على العكس… ولفتت إلى ضرورة أن يكون للأطراف المسيحية الدور الكبير في تسمية رئيس للبنان، وهذا هو الأمر الذي يسعى إليه المبعوث الرئاسي والمساعي الفرنسية مع الأطراف المسيحية داخلياً ومع المعارضة منذ اللقاء الأول مع المبعوث الرئاسي. وخلصت إلى «أنّ اتفاق المسيحيّين في ما بينهم على اسم للرئاسة لن يستطيع أحد الوقوف بوجهه»…

أمّا عن فرملة المسعى الفرنسي أو الإنجاز الفرنسي من جانب الولايات المتحدة، فقد استغربت المصادر هذا الاستنتاج، وذكّرت أنّ الجهود الفرنسية التي بُذلت والتنسيق على كل المستويات بين أميركا وفرنسا للوصول إلى وقف إطلاق النار، يؤكّدان العكس، وهذا ما شدّد عليه الرئيس الأميركي شخصياً في خطابه عند إعلان وقف إطلاق النار، كذلك في لقاءات آموس هوكشتاين مع لودريان ومع السفير الفرنسي في لبنان وخلال زياراته لفرنسا، وهذا ليس إقصاءً للدور الفرنسي بل هناك ارتكاز على الدور الفرنسي بحكم العلاقات التي تربطه بالجميع بمن فيهم «حزب الله»، الذي ما زال التواصل معه موجوداً وخصوصاً مع نواب الحزب، كاشفةً أنّها لم تتوقف حتى خلال 57 يوماً من الحرب.

 

‏هل تُعقد جلسة 9 كانون الثاني؟

‏تتخوّف المصادر الديبلوماسية الفرنسية من أن تُعقد الجلسة في 9 كانون الثاني لكن من دون أن تؤدّي إلى انتخاب رئيس، أمّا فرضية ألّا تُعقد فالأمر سيتبلور أكثر في الأسابيع المقبلة، ولذلك أعطى بري فترة شهر أو أكثر لاستكمال الاتفاق على صيغة جامعة…

أمّا بالنسبة إلى فرنسا بحسب تعبير «ديبلوماسييها»، فقد أصبح لديها واقعية في السياسة اللبنانية تجعلها متريّثة لتحكم على الأفعال، ولذلك فإنّ لودريان استعمل كلمة «راضٍ» على موعد تعيين الجلسة، علماً أنّه لم يكن على علم مسبق بموعد التعيين بل تفاجأ به!

وكشفت المصادر أنّ فرنسا ليس لديها توقع إيجابي عالٍ (High Expectation)، وفي المقابل ليست متشائمة، بل هي في وضع ترقّب ومراقبة، وما زال مبكراً الحكم على الأفعال.

وفي السياق، ترى مصادر مطّلعة أنّ هناك سباقاً بين بري والولايات المتحدة حول قدرته على إيجاد صيغة تنقذ لبنان وترجمتها في جلسة 9 كانون الثاني، أو أنّ الاستحقاق سيتأخّر إلى ما بعد تسلّم ترامب رسمياً مقاليد الرئاسة ليُصار ربما إلى فرض رئيس!

رسالة بري وصلت

‏أوساط الرئيس بري أوضحت لـ«الجمهورية»، أنّ ما أراد قوله من خلال تصريحه هو إيصال رسالة للخماسية مفادها «أنّ للبنان سيادة ويمكننا التوافق، ولا ننتظر من الخماسية أو من أي كان فرض أسماء علينا». بمعنى آخر، أراد بري قطع الطريق على أي محاولة خارجية لفرض الأسماء، شاكراً كل المبادرات التي تساعد لبنان في تحقيق التوافق، لكنّ موضوع الرئاسة هو موضوع سيادي بحت يخصّ اللبنانيّين وحدهم ومن مسؤولياتهم.

 

أمّا عن جلسة 9 كانون الثاني فقال النائب قاسم هاشم لـ»الجمهورية» إنّ «الرئيس بري سيبدأ ابتداءً من الأسبوع المقبل بالاتصالات والمشاورات الرئاسية للتوصّل إلى تفاهم ما… مؤكّداً أنّ جلسة 9 كانون الثاني قائمة وفي توقيتها.