لم يحتمل رئيس مجلس النوّاب نبيه بري مضمون حلقة “باسم الشعب” التي عرضت على تلفزيون الـ “أم تي في” بتاريخ 21 آب الجاري. إذ تحدثت الحلقة عن الجرائم التي ارتكبها “حرس مجلس النواب” في حق عدد من المتظاهرين في 8 آب، وتضمنت شهادات تؤكد تعمّد إصابة المتظاهرين بأعينهم لاقتلاعها. فسارع بري مستخدماً صفته كرئيس للمجلس النيابي للادّعاء ضدّ محطة MTV والإعلاميين ديما صادق ورياض طوق، وفاروق يعقوب بجرم إثارة النعرات والقدح والذم.
وبعيداً من التهم ذاتها المستخدمة دوماً لكمّ الأفواه، بدا لافتاً إسم المحامي الذي أوكل إليه بري تقديم الشكوى، وهو الدّكتور علي رحال، الأستاذ في ملاك الجامعة اللبنانية، والذي يفرض عليه قانون التفرغ في الجامعة بألا يمارس المحاماة، كما يفترض بألا يكون عضواً في نقابة المحامين، إذ يمنع نظام النقابة من يشغل وظيفة في الدولة من الانتساب إليها. وبالتالي كان يفترض برحال التفرغ للجامعة بدل التفرغ لرفع دعاوى ومخالفة قانوني الجامعة اللبنانية ونقابة المحامين.
وبدل ان يقدّم رئيس مجلس النواب الإجابة على الأسئلة التي يطرحها مواطنون وإعلاميون منذ انتفاضة تشرين، أي منذ حوالى 9 أشهر، عن هوية الأشخاص الذين يقفون مع عناصر حرس المجلس بزيّ مدني ويعتدون بوحشية على المتظاهرين، وبدل أن يحاسب عناصر الحرس الذين انتهكوا القوانين المحلية والدولية، سارع إلى التقدم بدعوى بعد أن أزعجه مضمون الحلقة التي أدانت حرسه بالأدلة والشواهد.
في حديث إلى “نداء الوطن” ولدى سؤاله عن السبب الذي دفع بري للإدعاء على المحطة ومقدم البرامج، في حين أنها تضمنت معلومات ذكرت سابقاً، يجيب طوق: “لم نستخدم التّلميح، وإنما وضعنا حرس المجلس أمام مسؤولياتهم، وما حكي خلال الحلقة قطع الشك باليقين. اتخذت الحلقة مساراً قانونياً، وفنّدنا تصرّفات حرس المجلس. فخروج الحرس إلى خارج المجلس وإطلاق الرصاص على الأعين يشكّل خرقاً للقوانين ولحقوق الإنسان. وهؤلاء مدنيون لا يتبعون لجهاز أمني ولا صلاحية لديهم للتعرض للناس خارج حرم المجلس”. ويرى طوق أن الدعوى تأتي ضمن حملة ممنهجة وواضحة تستهدف الـ”أم تي في” وبأن المعركة معركة حريات وحقيقة. وفي حين تحاول الدعوى اخراج الأمور من سياقها، يلفت طوق إلى أن الحلقة تناولت ما حصل خلال تظاهرة 8 آب، والتي أتت كرد فعل على انفجار بيروت. “وبعد الانفجار أخذت قراراً بفتح ملفات الفساد والاعتداء على الناس مهما كانت الحقيقة”. وفي اتصال مع “نداء الوطن” يعتبر فاروق يعقوب أن الادّعاء ضعيف، “فهو ادّعاء بإثارة النعرات الطائفية بينما في الحقيقة هو إثارة أسئلة. ومن حق الناس أن تسأل عن الجهاز الذي يرتدي البدلات ويشارك بقمعها. من حقّنا أن نسأل ما هو حدود عمل شرطة المجلس ووظيفتها وكيف تجري ترقية ضباطها. فكم مرة أطلقوا الرصاص على الشبان وتسببوا باقتلاع أعين!”
ويبدو يعقوب سعيداً بلجوء برّي إلى القضاء، “سنسأل هذه الأسئلة أمام القضاء. فمهام الجهاز تقتصر على مجلس النواب لكنه يشارك في كل أحداث البلد، حتى أنه شارك في أحداث 7 أيار”. سبب لجوء بري إلى القضاء هذه المرة يجيب يعقوب: “ربما أقنعته الثورة بدولة القانون. وما قلناه توصيف وليس إثارة نعرات، فإن أزعجته كلمة ميليشيات فليخبرنا من هم؟”. أما صادق، فنشرت تغريدة عبر “تويتر” تشير فيها إلى أنها أصبحت متهمة بقضيتين بعد 4 آب فيما لم يتّهم أي سياسي بأي قضية. وجاءت التغريدة بعد أن تقدّم الوكيل القانوني للنائب جبران باسيل بدعوى ضدّ صادق، وطالبها بالعطل والضرر المحدد بصورة موقتة بمبلغ مئة وعشرة ملايين ليرة لبنانية. متهماً إياها ببثّ إشاعات وأخبار كاذبة مقصودة بهدف إيهام الرأي العام بوجود مسؤولية ودور مزعومين لباسيل في انفجار المرفأ. بعد أن تحدثت صادق عن مسؤولية باسيل بإدخال باخرة “روسوس” التي كانت محمّلة بنيترات الأمونيوم عندما كان وزيراً للطاقة.
وأمس عممت نقابة الأطباء بياناً، أعلنت فيه أن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، محمد فهمي، أكد في اتصال مع نقيب الأطباء، شرف أبو شرف، أنه “منع استخدام الرصاص المطاطي منذ اشهر، وأنه لا وجود أصلاً للخردق لدى قوى الأمن الداخلي”. فيما تؤكد الصور والفيديوات والإصابات في صفوف المتظاهرين استخدام هذه الأسلحة ضدهم. وكأن ردّ الوزير تأكيد على ما ورد في حلقة “باسم الشعب” بأن جهات أخرى استخدمت هذه الأسلحة. لكنّه ردّ ناقص لا يجيب على تساؤلات الضحايا، وإنما يكتفي بالتهرب من مسؤولية إطلاق الرصاص عليهم، ويتنصّل من مسؤولية حمايتهم وتحديد الجهات والأفراد الذين يعتدون على المواطنين أمام أعين القوى الأمنية المخوّلة حمايتهم.