ذكر مؤشر “غالوب” أن اللبناني يعيش أسوأ حياة في العالم فبحسبه 4% فقط من اللبنانيين قوّموا حياتهم بشكل ايجابي، ويبدو أن “غالوب” نشرت تقريرها قبل القرار التاريخي الصادر عن مجلس النواب الذي قلب موازين التعاسة رأساً على عقب وأغرق البلاد في الحبور والسرور، وأول مؤشراته في بيان بعبدا وفيه “تسلّمت رئاسة الجمهورية القرار( التوصية) الصادر عن مجلس النواب ردّاً على رسالة الرئيس عون في ما يتعلّق بالتدقيق الجنائي، والذي نص على خضوع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة، بالتوازي للتدقيق الجنائي من دون عائق أو تذرع بسرية مصرفية أو خلافها”.
في المبدأ الجميع انتصر: فمن أراد تسجيل موقف سجّل. ومن اتّهم بتعطيل التدقيق الجنائي دحض الإتهام بالقبول. ومن عارض التدقيق من تحت لتحت رفع رايات النصر فوق السطوح. الجميع انتصر وانبسط وانشرح ولم ينتبه أحد إلى اللغم الذي زرعه “الإستيذ”.
فـ”التوازي”في التدقيق يعني عملية شديدة التعقيد والدقة، فعلى سبيل المثال، عندما تحدد “الفاريز أند مارسال” أو غيرها من الشركات يوم 2 شباط 2021 في التاسعة صباحاً موعداً لتسلم حسابات مصرف لبنان و24 وزارة، 15 صندوقاً، 88 مؤسسة، 1029 بلدية، 18 مصلحة فالأمر يحتاج إلى نشر 1300 موظف في ملعب كرة القدم في مدينة كميل شمعون الرياضية لتنظيم محاضر الإستلام، وتحتاج شركة التدقيق لنحو 1200 مدقق جنائي، ولن يقبل حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة تحت أي مسمى، إلا أن يشنكل ريمون غجر. وسيكون على الوزير غازي وزني أن يكسر يده ويبرم على المحسنين لتأمين حوالى 50 مليون دولار كدفعة أولى لعملية التدقيق و”كاش”.
ولم يذكر القرار المحتفى به، حسابات أي أعوام ستكون مشمولة بالتدقيق، “حركة أمل” تميل إلى التدقيق فقط بآخر 50 سنة من عمر لبنان، “تيار المستقبل” يصر على أن تكون البداية والختام مع العماد عون، أي من ليل 22/23 أيلول 1988 إلى نهاية العهد القوي، “الطاشناق” مع جرّ الجميع إلى التحقيق والمحاسبة من شارل دباس وحبيب أبي شهلا إلى الطاقم السياسي الحالي. لكل فريق حساباته ومنطلقاته ويبدو أن “الإستيذ” يدرك أن قبل الوصول إلى مجلس الجنوب نكون قد تخطينا النصف الأول من القرن الواحد والعشرين، “التيار الوطني الحر” يهمه التدقيق في عهد الحريري الأب والحريري الإبن وبري الأب والإبن والروح القدس. بما يعني أن أحفاد آلان عون وسامي فتفت وعلي حسن خليل سيفاوضون أحفاد “ألفاريز أند مارسال” على تقسيط آخر عشر دفعات من المستحقات، وبالتوازي مع الدفعة الأخيرة ندرك نحن من عشنا بجهنم التحتا وإلى جهنم الفوقا انتقلنا، من نهب مدخراتنا وحياتنا.