مؤشّرا تفاؤل سُجلا أمس في مرصد جهنم المركزي، الأول أطلقه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إذ زفّ من بعبدا إلى اللبنانيين المقيمين والمغتربين خبراً نزل عليهم بُرداً وسلاماً:
“تشرفت بلقاء رئيس الجمهورية وتشاورت معه وسنلتقي مجدداً بعد ظهر الأربعاء لاستكمال البحث”.
والثاني موقف نوعي، صدر عن المكتب السياسي لحركة أمل جاء خلاصة “مخمخة” و”بحث معمّق” و”عصف فكري” و”تلاقح نظريات” بين مكونات المكتب، خلص الى أن “حسم الملف الحكومي بات حاجة أكثر من ملحّة وضرورية، والمطلوب أن يكون هذا الأسبوع أسبوع الحسم الحكومي وتبني البرنامج الإصلاحي”.
من أي نقطة سيستكمل “بحث” الأربعاء بعد “تشاور” يوم الإثنين؟ من خلطة المغلي حيث تقول المصادر إن اتفاقاً تاماً توصّل إليه الرئيسان وهو أن تكون نسبة القرفة الناعمة نصف نسبة الكراوية، ويبقى بعض التباين حول اليانسون بعد تذليل عقدة السكر. أو أن الرئيس الحريري الموكل إليه حصراً تحضير”الطبخة الحكومية” لم يصل بعد إلى الخلطة التي ترضي كافة الأذواق؟
اللقاء في حد ذاته الذي جمع قطبي “الطبخة”، حدث تاريخي، بأهمية لقاء نيكسون وبريجينيف ولقاء تشرشل بستالين ولقاء عبد الوهاب بأم كلثوم.
48 ساعة ويجتمع الرئيسان مجدداً وخلفهما تقف حركة أمل رئيساً ونواباً ومكتباً سياسياً ومحرومين، لتدعم عملية الولادة وتكون إلى جانب القابلة القانونية، مطلقة أول زلغوطة عندما تطلع رأس “وزير المال للشيعة”.
من تقاليد “الحركة” السياسية لعب دور “المسهّل” و”مذلل” العقبات وكاسحة الألغام في تشكيل الحكومات بعد زوال دور الوصاية السورية، إلى درجة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقد مؤتمراً صحافياً في الإليزيه في 27 أيلول الماضي، للإشادة تحديداً بدور “حركة أمل” و”حزب الله” وخليليهما في تعبيد الطريق أمام حكومة الدكتور مصطفى أديب. وحقيقة الأمر أن الخليلين أبلغا أديب حرفياً “الثوب اللي بتفصلو يا مصطفى فإن أبا مصطفى بيلبسو”. غريباً كان اعتذار أديب.
يستغرب مكتب أبي مصطفى تأخير التشكيل ويستعجل الحسم، بخاصة أن الحركة أنجزت الـ “ديفوار” وقد أعد “الإستيذ” 10 بوكيات كل واحدة تضم 3 أسماء مستورة. يفتح بري أول بوكيه شيعي امام الحريري إن رفضها يفتح له الثانية إن رفض يفتح الثالثة…وهكذا دواليك. أما بشأن المداورة فالرئيس نبيه بري منفتح إلى أقصى الحدود “تداوروا في ما بينكم ولن أتدخل”.
من هنا يُفهم إلحاح المكتب السياسي للإستيذ ودعوته إلى حسم الملف الحكومي ما دام كل شيء بات شبه محلول لولا تمسك البعض بالمحاصصة، التي لم تدخل يوماً في أدبيات الحركة وقاموسها.إذا يبقى أن تطير “حمامة بيضا فوق راس الرئيسين يوم الأربعا”.