Site icon IMLebanon

برّي يعطي برّي يأخذ

 

مقلّ أبي مصطفى، المختار النجيب، بالكلام هذه الأيام. لا مثل مستقى من الأدب الشعبي يتناقله زوّاره ولا أمثولة يلقيها عليهم، لا حمار يُطلعه إلى الميدنة ولا حمار ينزله. لا فتوى دستورية يطلقها ولا عظة يلقيها، لا يدوّر محركاته ولا يتفقد الرادياتور، ومن وقت إلى آخر، يرأس جلسة لمجلس النواب في قاعة الأونيسكو أو يلفت رئيس لجنة نيابية إلى مخالفة في عقد الجلسات ويضربه بالخيزرانة على قفاه، أو يطلّ في مؤتمر دولي إفتراضي من طهران لدعم الإنتفاضة في فلسطين المحتلة بمشاركة جحا وأهل بيته.

 

أما بالنسبة إلى مساهمات بري في تسهيل تشكيل حكومة المهمة، فمهمته العملية انتهت مع إيداع أسماء الوزراء الشيعة في جيبة جاكيت الرئيس سعد الحريري ليمزمزها على رواق ويهضمها. أن يختار الثنائي الشيعي وزراءه عرفٌ ألّفه ولحّنه وأخرجه وغنّاه “الإستيذ” دويتو مع “حزبُ الله”، وفرضه فرضاً على رؤساء الحكومة، لكن الرئيس فؤاد عبد الباسط السنيورة نجح في إحداث خرق بتوزير ابراهيم شمس الدين في حكومته الثانية… “وهيّ كانت ما بقا نعيدها”. ولم يفاوض السنيورة على الحق الدستوري والإلهي والفقهي بتولي الطائفة الشيعية وزارة المال حتى قيام الساعة.

 

يوم التسليم والتسلّم، أي يوم سلّم الرئيس المكلف تشكيلة حكومته المؤلفة من 18 وزيراً إلى صاحب الفخامة قبل شهرين، وتسلّم منه ورقة المعايير كي يدرسها جيداً ويحفظها ويسمّعها لاحقاً من دون تأتأة أو فأفأة، تبين لسعد الحريري أن معايير رئيس الجمهورية إستثنت معايير بري والتي شرحها في موقف طازج، حاول فيه التمظهر بمظهرالـ”هَني” بقوله: “طالما أن الإتفاق ان تكون الحكومة من إختصاصيين، وألا ينتموا الى أحزاب أو حركات أو تيارات أو لإشخاص، بمعنى يُكتفى بتسمية من هو “لا ضدك” و”لا معك”، فإن كتلة التنمية والتحرير على سبيل المثال لا الحصر إلتزمت بهذا المعيار فأقدمت على تسمية أسماء ليست لها وليست ضدها، هذا المبدأ يسري على الجميع من دون استثناء، مثله مثل اختيار ذوي الاختصاص والكفاءة، كل هذا حتى لا تكون الحكومة تابعة لغير مصلحة لبنان العامة”. ويُسجّل للرئيس بري أنه كان طليعياً وسبّاقاً في اختيار اسم لا هو معه ولا هو ضده في حكومة البروفيسور دياب، أي وزير الخزانة الدكتور غازي وزني، ووزني لا “مع”التنمية” ولا “ضد التحرير” وهو في ممارسته لا يقيم وزناً إلاّ لعلمه وتكنوقراطيته، وإن تعارضت مقارباته المالية مع مقاربات”الإستيذ” فلمن يكون القرار؟

 

الجواب: لمن بيده حلّ وزني وربطه. بري يعطي وبري يأخذ. وبلغة ألعاب القمار يُقال Celui qui donne ordonne. مرحبا إختصاص!