IMLebanon

بري “مستاء جداً”: على ماذا بَنَت بعبدا حسـاباتها؟

 

ليس هناك من يملك تصوراً للآتي من الايام. بلغت الصورة السوداوية مداها. كان الرئيس المكلف سعد الحريري في أصعب ايامه قبل ان يصله المظروف الرئاسي الذي اعاد تعويم المصطفّين من حوله. بالنسبة لحلفاء الحريري الأقربين اي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “الحزب الاشتراكي” وليد جنبلاط فإن ما حصل أمس الاول لم يكن مقبولاً. بغض النظر عن الحسابات الصغيرة، لا يجوز لرئاسة الجمهورية حيث مركز القرار السياسي التصرّف على النحو الذي تصرفت به تجاه رئيس حكومة مكلف. الخطأ في الاسلوب. قد تختلف معه وتتعاتبان انما ليس بهذه الطريقة يمكن التعاطي.

 

على ماذا بنت بعبدا حساباتها؟ سؤال لم يجد جوابه في الاجتماعات التي شهدتها عين التينة وبيت الوسط. كل التحاليل كانت تفضي الى ان الغرض كان الدفع باتجاه اجبار الحريري على الاعتذار وقد استبقت زيارته الى بعبدا بتسريبات تشي بنية الحريري الاعتذار واستقالة نواب تكتله من مجلس النواب. اجواء لم تكن صحيحة بقدر ما كان القصد اغضاب الحريري قبل ان تصل ورقة بعبدا التي لم تكن في وقتها ومكانها الصحيحين. لم يغيّر الحلفاء رأيهم بالحريري رغم الذي حصل لكنهم مستمرون الى جانبه بعد خطوة بعبدا المرفوضة من قبلهم.

 

وفي الوقت الذي يلملم الحريري علاقاته ويستجمع قواه السياسية جاءت زيارة السفير السعودي وليد بخاري الى بعبدا تلبية لدعوة رئيس الجمهورية، فتبرير الزيارة لا ينفي أبعاد حصولها، فإذا كان عدم التلبية مفروضاً من الناحية البروتوكولية، يبقى أنّ السفير السعودي اختار عباراته بعناية في بيان مكتوب بعد لقاء عون غداة إشكالية لقائه برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. تفاقم الخلاف واستفحل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، والمشكلة ان اي طرف لا يملك جواباً على آفاق المرحلة المقبلة، مصير التكليف والحكومة، خاصةً وان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ليس بوارد السير عكس التيار السني وإغضاب رؤساء الحكومات السابقين مجدداً بتفعيل حكومته. أصل المشكلة أنّ الخلاف بين الرئيسين محكوم بمعادلة تقول لا يمكن للحريري ان يلغي ميشال عون ويقصّر مدة ولايته لألف سبب وسبب، ولا يمكن للأخير سحب تكليف الحريري مهما استعان بخبراء دستوريين وما شاكل.

 

ينقل زوار بري أنه “مستاء جداً ومتفاجئ مما حصل لكن تحركه يبدو صعباً طالما الخلاف لا يزال مستجداً والرؤوس حامية والمواقف متصلبة”. حتى “حزب الله” جمّد تحركه على خط بعبدا – بيت الوسط وانشغل في ازالة ملابسات الخلل الطارئ على العلاقة مع بري، لا سيما بعد الخطاب الاخير لأمينه العام السيد حسن نصرالله. هذا الخطاب يحمّله البعض مسؤولية تصرف بعبدا لكونه نتج عن الدعم المطلق الذي منحه نصرالله لعون ولرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ويقول هؤلاء لا يمكن لـ”حزب الله” أن يحمل التطوّر الخطير الذي استجد والذي وضع البلاد امام ازمة مفتوحة لا تحمد عقباها. حاول بري تلافي الاجواء السلبية من خلال بيان المكتب السياسي لـ”حركة أمل” والذي اعاد التأكيد على تشكيل حكومة اختصاصيين تحت سقف المبادرة الفرنسية، لكنّ بعبدا لم تتلقف الرسالة فوقعت الأزمة.

 

عقب أزمة الاثنين جدد جنبلاط الدعوة الى التسوية، ولا يزال على موقفه أن مثل هذه التسوية لا بد منها في ظل ازمة مفتوحة على كل الاحتمالات ستفرض في نهاية المطاف على الجميع اللقاء الى طاولة مشتركة، ليسارع تكتل “لبنان القوي” إلى الإشادة بمرونة وانفتاح جنبلاط في التعاطي مع جميع القوى السياسية مؤكداً الاستعداد لملاقاته في مبادرته.