ستناقش جلسة الغد النيابية كل شيء إلا ما قصده رئيس الجمهورية في رسالته الى المجلس النيابي. فجدول الأعمال الحافل الذي انجزه الفريق الحاكم على امتداد السنوات الأربع المنصرمة، وتحديداً منذ الانهيار المريع في خريف العام 2019 ثم تفجير بيروت في 4 آب 2020، وصولاً الى الهجوم الذي شنه وزير خارجية العهد على دول الخليج العربي، يحتاج لوحده الى دورةٍ نيابية كاملة، بل الى دورات، ونقطة الحكومة ليست سوى ذرة في بحر، سيكرر النواب بشأنها ما قرروه في يوم التكليف، وإذا ذهبوا أبعد من ذلك فالمرجح أن يسألوا عن مدى التزام الفريق الحاكم بالدستور والقوانين، ليسمح لنفسه بالسؤال عن مدى وكيفية تطبيقها.
سيكون التأزيم المفتعل للعلاقات اللبنانية الخليجية نقطة الكيل الطافح. إذ لا يوجد عاقل في جمهورية، حتى لو كانت مزرعة أو مزارع لا يأخذ في الإعتبار مصلحة مزرعته ورعاياه. ومع ذلك نطق المتحدث باسم سياسة العهد الخارجية بما نطقه وكأنه في جلسة خاصة على بلكونه الصيفي. وهو على كل حال اعترف بخطأه واعتذر عنه، لكن المشكلة باقية بقاء فريق السلطة إياه. فهذا الفريق الذي يعتبر نفسه في جبهة واحدة مع الحوثيين وايران ويرفض ادانة قصف الارامكو، ويتخلى عن بنود الدستور والوحدة الوطنية ونصوص البيانات الوزارية…، ويشرف باعتزاز على رحلة الذهاب الى جهنم، باقٍ في مواقعه ويخطط للإستمرار فيها مُحتفظاً بسياساته نفسها. هو لا يرى أين تكمن مصلحة اللبنانيين ولا ما يحتاجونه، وينظر الى التواصل الايراني السعودي بوصفه انتصاراً للممانعة، والى التفاوض الأميركي الإيراني من المنظار نفسه، حتى انه لم يرَ معنى في هرولة اردوغان الى مصر والسعودية، ولا في التسوية الليبية أو في الموقف الروسي من الصراع الدائر على ارض فلسطين ووقوف المحور الممانع في طليعة الداعين الى الحراك الديبلوماسي، بعد سنوات من التهديد بمحو اسرائيل والصلاة في المسجد الأقصى.
يُفترض ان تكون جعبة “سيّد نفسه” مليئة في يوم البحث في رسالة فخامته. سيخطب كثيرون وفي النهاية سيقال: مرتا مرتا… تنشغلين بأمور كثيرة والمطلوب واحد، سهّلوا تشكيل الحكومة!