اليوم يتم تفنيد رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون، التي وجهّها الى المجلس النيابي قبل ايام، محمّلاً فيها مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة للرئيس المكلّف سعد الحريري، وداعياً النواب الى تحمّل مسؤولياتهم في هذا الاطار. وقد سلكت هذه الرسالة مسارها، بحيث حدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري، جلسة لتلاوة الرسالة بعد ظهر اليوم في قصر الاونيسكو، حملت عنواناً هو عرقلة رئيس الحكومة المكلف للملف الحكومي، والهدف حضّ المجلس النيابي على نزع التكليف منه.
الجلسة التي تبدو نارية قبل ان تنعقد، حوت الكثير من ردود الفعل خلال الساعات القليلة الماضية رفضاً لمحتواها، بدءاً بمواقف رؤساء الحكومات السابقين، الذين إعتبروا مضمون الرسالة تحويراً للحقائق، محمّلين رئيس الجمهورية وفريقه مسؤولية التعطيل الحكومي، عبر فرض الثلث المعطل، مع أعراف جديدة تتعارض مع الدستور، وكأنه الوصيّ على مهمة ودور رئيس الحكومة المكلف، ما ينزع عنه دوره الدستوري المسؤول عن عملية التشكيل.
الى ذلك وفي ظل الاجواء الساخنة التي ستخيّم اليوم على الجلسة، تنقل مصادر مقرّبة من عين التينة، بأن بري سيعمل كالعادة على تدوير الزوايا، وعلى تطويق ذيول ما سينتج عن الجلسة من تداعيات، وردّات فعل سياسية غاضبة، خصوصاً من قبل نواب تيار المستقبل، أي سيكون هنالك عدد محدّد لطالبيّ الكلام، لممثلي الكتل النيابية فقط، ومن ثم تجري مناقشة الرسالة الرئاسية، على ان تليها بجلسة ثانية يحدّد موعدها الاسبوع المقبل، أي بإختصار سيعمد بري الى محاصرة مفاعيل هذه الجلسة، ونزع الفتيل السياسي المتأهب دائماً، لان الاغلبية سترفض مطالب رسالة عون، فالى جانب «كتلة المستقبل»، هنالك «كتلة الجمهورية القوية» و «اللقاء الديموقراطي»، و «كتلة التنمية والتحرير» و «المردة» وبعض النواب المستقلين، سيكونون ضد «كتلة لبنان القوي» المتمثلة بالتيار الوطني الحر.
وتلفت المصادر المذكورة، الى انّ عملية تبريد الاجواء المشحونة ستكون حاضرة، على ان تبدأ الوساطات مطلع الاسبوع المقبل تحضيراً لجلسة هادئة خالية من المناكفات والصراخ، وتأتي هذه الوساطات عبر اتصالات بدأها بري مع الكتل النيابية، للتفاهم على مَخرج مقبول من الاكثرية، منعاً لحدوث الاعظم أي خلاف نيابي كبير لا يقدر احد على لجمه.
وعلى خط قانوني وبحسب مصدر مطّلع قانونياً، فمجلس النواب لا يملك صلاحية أي تغيير في واقع التكليف او سحبه من الرئيس المكلف، حتى ولو حصل على ما يشبه الاجماع في هذا الاطار، لان لا قيمة قانونية لذلك، وبالتالي فرفض التكليف يقرّره فقط الرئيس المكلف من خلال الاعتذار، لان هذا المطلب من شأنه فتح الابواب المغلقة، وإطلاق اصوات تطالب النواب الذين صوّتوا للعماد عون لإنتخابه رئيساً في العام 2016، بأن بسحبوا اصواتهم وانتزاع الرئاسة منه، لانّ كل شيء في لبنان يقابل بالنكايات السياسية التي تشعل الوضع دائماً، معتبراً بأنّ الرسالة الرئاسية لن تؤثر ايجابياً لا بل سلبياً، وهي بالتأكيد اتت من دون أي دراسة قانونية من قبل مستشاريّ الرئيس، لانهم لم يفكروا بأبعادها التي ستزيد اكثر في الشرخ الحاصل بين بعبدا وبيت الوسط، والذي على ما يبدو غير قابل للترميم.
وعلى خط معاكس، رأى المصدر القانوني بأنّ الرسالة المذكورة اتت لصالح الرئيس المكلف، لانّ عدم إستجابة المجلس النيابي لمضمونها ومطلبها، سيعطي ورقة عبور سياسية للحريري، أي ثقة جديدة بتكليفه امام الرأي العالم اللبناني والخارجي. آملاً ان تتجه وساطة بري اليوم نحو فض هذه الاشكالية، اذ لا تنقصنا فضائح سياسية ومناكفات بين النواب، قد تطال الشارع بين مؤيدي بعبدا وبيت الوسط، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي المشتعلة دائماً.
وختم المصدر: «على رئيس الجمهورية تسهيل عملية التشكيلة الحكومية، ومن ثم الاحتكام الى المجلس النيابي، وعندئذ او تنال الحكومة الجديدة الثقة او لا».