تجري اتصالات بعيدة عن الأضواء من أجل استعادة الثورة الشعبية والتظاهرات وذلك من قبل العهد والحكومة، وذلك ما تبدّى من خلال الجلسة النيابية الخاطفة والتي قطع فيها البث من أجل التصويت، ما يعني أن هناك خطوات تقوم بها السلطة بغية إمرار الاستحقاقات الدستورية بكافة أشكالها دون أي تطورات أو أحداث من شأنها تعطيلها.
وعلى هذه الخلفية، تشير المعلومات إلى أن هناك قرارا سياسيا كبيرا من أجل تمرير هذه الاستحقاقات من خلال إعطاء الضوء الأخضر للقوى الأمنية دون مراجعة السلطة السياسية بغية الحزم والحسم من أجل تخفيف وهج هذه التظاهرات.
وهذه القرارات اتخذت وفق المتابعين في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الأخير الذي شهد مداولات حول إمكان خرق هذه التظاهرات من قبل بعض المجموعات المندسّة. بالتالي ما كشفته الوزيرة ريا الحسن على إحدى شاشات التلفزة هو دليل على أن هناك توجها للحسم من قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي، على اعتبار أن هناك مخاوف لدى السلطة من تعطيل دور المجلس النيابي بشكل كامل على اعتبار أن الانتفاضة الشعبية تسعى من أجل إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وهذا ما لم تهضمه أو تقبل به معظم الكتل النيابية، ولهذه الغاية يصرّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري من خلال المقربين منه على أن يستكمل المجلس الحالي ولايته كما هي إلى حين موعد الانتخابات النيابية المقبلة، ولذلك لوحظ أنه من يقود المعركة بأشكال متعددة مع الثوار إن في عين التينة أو ساحة النجمة إلى دور شرطة المجلس في مواجهة المتظاهرين، إضافة إلى بناء الجدران الاسمنتية عند كل المداخل المحيطة بالمجلس.
وفي إطار آخر، فإن ما جرى من إقرار جلسة الموازنة قد يكون بمثابة «بروفا» لجلسات الثقة للحكومة بعد أن تنجز بيانها الوزاري ولو استبعد من خلال المعلومات من مصادر عديدة أن تكون جلسات الثقة على غرار جلسة الموازنة بشكل مقتضب إن على صعيد الكلمات أو فترة الجلسات، واختصارها إلى أقصى ما يمكن، خوفًا من التصعيد أو تطويق الثوار للمناطق المتاخمة للمجلس وربما إعداد خطة من اليوم لهذه الغاية، وبمعزل عن دستورية جلسة الأمس لإقرار الموازنة فإن الهدف جرّاء ما يقوله أكثر من مضطلع على بواطن الأمور هو إعطاء الحكومة الحالية دفعًا ينطلق من الموازنة لإحداث صدمة لدى المجتمع الدولي كي يفتح الطريق لرئيسها حسان دياب من أجل القيام بجولات خارجية وخصوصًا أن ذلك أمر أساسي لتقديم المجتمع الدولي والدول المانحة المساعدات في ظلّ ما يشهده البلد من انهيار مالي واقتصادي وأوضاع اجتماعية ومعيشية بالغة الخطورة.
وعليه، فإن ما جرى في ساحة النجمة يؤكد على أن الصدام سيستمر بين المجلس والمنتفضين في الشارع بينما طرحت تساؤلات حول مشاركة البعض من الكتل النيابية في هذه الجلسة ومقاطعة آخرين ما يعني أن ما حصل يشكل فرزًا في المواقف وتحديدًا تساؤلات جمهور تيار المستقبل عن جدوى مشاركته وتأمين النصاب للجلسة، والأمر عينه حول مشاركة نواب اللقاء الديمقراطي وبعض المستقلين في حين أن غياب أو مقاطعة نواب القوات اللبنانية والكتائب كان انسجامًا مع مواقفهم تجاه الانتفاضة وجمهورهم.