في ضوء تنامي التحذيرات المحلية والخارجية من خطورة اللحظة الداخلية وسلوك لبنان طريق «الزوال» واعتباره «مخطوفاً» ، ومن حال الإنقلاب على الطائف، لاحظت أوساط نيابية في كتلة بارزة وجود خطر كبير يتهدد البلاد ويتجاوز من حيث التأثير الوضع المالي أو الإقتصادي المأزوم، ليصل الى حدود انتشار حال الفراغ والشلل الى كافة المؤسسات الدستورية، وبالتالي انهيار كل مقومات الدولة ونشوء أمر واقع جديد ومختلف عن كل المراحل التي مرّ بها لبنان على مرّ التاريخ. واعتبرت هذه الأوساط أن الفرصة ما زالت متاحة ولفترة زمنية قصيرة جداً ، من أجل تجاوز كل «المتاريس» التي ارتفعت بين المكونات السياسية والطائفية، وتذليل العقد التي أدت الى تأخير ولادة الحكومة لأكثر من عام.
وأكدت الأوساط النيابية أن المناخات التشاؤمية هذه، والتي عبرّ عنها صراحةً رئيس مجلس النواب نبيه بري، في كلمته بالذكرى السنوية الـ 43 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، تستند الى معطيات واقعية وتنطلق من مسلسل الفراغ والتعطيل الذي يمتد الى المؤسسات الرسمية والقطاعات الإقتصادية والمالية والطبية والتربوية والإجتماعية، والذي نجح الى اليوم في ضرب عملية انتظام العمل في كل هذه المؤسسات والقطاعات، بانتظار التوصل إلى تسوية سياسية تؤدي إلى تأليف حكومة الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي الموعودة.
وفي الوقت الذي تُسجل فيه تطورات ولو محدودة على مسار البحث الجاري لتأليف الحكومة، فإن الأوساط النيابية نفسها، استبعدت حصول أي حسم على هذا الصعيد ، على الأقل في المدى المنظور، وذلك على الرغم من كل التسريبات الإيجابية والتي بدأت تظهر الى العلن من خلال مواقف بعض القوى والفاعليات المعنية بهذه العملية. وأوضحت أن مبادرة الفرصة الأخيرة التي لم تُنتج مثل هذه التسوية حتى الساعة، تحظى بتأييد واسع على الصعيدين المحلي والخارجي، خصوصاً وأنها ستضع حداً فاصلاً ما بين حال الإستنزاف الحالية ومرحلة الإنقاذ الفعلي والجدي، وبالتالي، فإن هامش الوقت الذي بات يضيق أمام الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، يضغط على كل المعنيين بالتأليف والذين سيتحمّلون معاً مسؤولية التعثر فيما لو أعلن ميقاتي اعتذاره عن التأليف أو على الأقل لجأ إلى خطوة الإعتكاف غير المُعلن كما هي الحال اليوم، باستثناء التواصل عبر الوسطاء المشتركين ما بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون.
ومن ضمن هذا السياق، دعت الأوساط النيابية البارزة نفسها، الى قراءة عميقة لمضمون كلمة بري أول من أمس ، وبيان مجلس المطارنة الموارنة أمس، حيث لاحظت تقاطعاً في عملية رفع الصوت والتحذير من حفلة «الإعدام الجماعي» التي يتعرض لها لبنان وفق رئيس المجلس واللبنانيين وفق المطارنة الموارنة، وذلك في إطار النتائج المباشرة وغير المباشرة للإنهيار الذي بدأ اللبنانيون يتلمسونه من خلال اشتداد الأزمات المعيشية والتوتر في الشارع، والذي ينتقل من منطقة الى أخرى تحت عناوين مرتبطة بالجوع بالدرجة الأولى وبالفوضى المجتمعية بالدرجة الثانية.