Site icon IMLebanon

نبيه برّي والحرب الأهليّة

من حقّ الرئيس نبيه بري أن يرفض انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهوريّة، لكن ما ليس من حقّه ولا من حقّ «الثنائيّة الشيعيّة» أن تُسرّب مصادره تهديداً بأخذ البلد إلى «الحرب الأهليّة» وهو أحد أبرز وجوهها وأمرائها وأكثر من استفاد من وجوده في السّلطة منذ ما يقارب ربع قرن من جلوسه على كرسيّ الرئاسة الثانية وهو الأوحد الذي تفرضه «الثنائيّة الشيعيّة» مرشّحاً وحيداً لهذه الرئاسة برغم أنف اللبنانييّن!!

«مشهد النبطية سخيف مقارنة بما يمكن ان نقوم به لإسقاط العودة إلى ما قبل الطائف»، انتظرنا أن ينفي الرئيس نبيه بري ما نقلته إحدى الصّحف بالأمس عن مصادره، ولكن لا توضيح ولا نفي و»لا من يحزنون»، وللمناسبة لا يملك الرئيس بري إمكانيّة واقعيّة للتهديد بحرب أهليّة، أمّا «مشهد النبطيّة» فهو سخيف فعلاً فـ»النينجا الشيعيّة» لن تخيف أحداً من اللبنانييّن ودولته يعرف أنّه حتى في عزّ الحرب الأهليّة قامت ميليشياته بالاعتداء صباحاً ومساءً على اللبنانييّن ولكنّها لم تتمكّن من ترهيبهم!

ومن مفارقات بِدَعِ «الثنائيّة الشيعيّة» أنّ توزّعها الأدوار اقتضى قبل أن يكشف الرئيس برّي موقفه من تبنّي الرئيس سعد الحريري لترشيح ميشال عون رئيساً ذهب إلى المطالبة بموقف واضح من المملكة العربية السعودية من انتخاب عون أو ضمانة منها لانتخابه، وبالطبع هذا التذاكي على الموقف يستدعي التأمّل الشديد في وجهيْ «الثنائيّة الشيعيّة» فمن ناحية حزب الله لم يكفّ منذ عامين عن اتهام المملكة العربيّة السعوديّة بأنّها تُعطّل انتخابات رئاسة الجمهوريّة، فيما الرئيس برّي يطالب بموافقتها على انتخاب عون رئيساً!!

بالطبع لا يوجد لبناني واحد يُصدّق تهديد الرئيس برّي «سأترك لكم السّلطة»، فالرّجل المتربّع في موقع الرئاسة الثانية عاصره ثلاث رؤساء جمهورية وأكثر من رئيس مجلس وزراء وهو ثابت في موقعه، أمّا تهديده بأن يتحوّل إلى المعارضة فـ»يا حبّذا» لو نشاهد الرئيس نبيه بري في صفوف المعارضة، مع أنّه «سوبق» على تهديده بالانتقال إلى صفوف المعارضة  بإرسال تهديد بالحرب الأهليّة «لا يُسمن ولا يُغني من جوع»!

وحتى لا «يستهولنّ» ولا «يُهولنّ» أحد على اللبنانيين بالحرب الأهليّة، نقول إنها «تَرَفٌ» ليس اليوم بمتناول أمراء الحرب، وهي ليست «قرارٌ لبناني» محليّ يتّخذه فريق لبنانيّ، ونقول أيضاً الرئيس نبيه بري غاضب، وغاضبٌ جداً، ولكنّه يذوق اليوم من «الطبق اليومي» الذي أطعمته «الثنائيّة الشيعيّة» للبنانييّن منذ عامين ونصف العام، وأنّ غضب الرئيس بري في وجه من وجوهه نابعٌ من تمرّد التيّار العونيّ علبة طاولة حوار عين التينة، التي ظنّ الرئيس برّي أنّها ستنطلي وتمتدّ في مضيعة للوقت اللبناني على ما عوّدنا في الحوارات السابقة، وأن أنهت لعبة استمتاع الرئيس بري بلعب دور «الخصم والحكم» في نفس الوقت، وأن يضع في نفس الوقت قبعة رئيس حركة أمل وقبعة رئيس المجلس، منتظراً من كل الفرقاء الآخرين أن يستسلموا لـ»قضائه وقدره»!

قد يعرف الرئيس نبيه بري قبل كلّ الآخرين أن حظوظ انعقاد جلسة رئاسيّة تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة في الحادي والثلاثين من تشرين الأول الجاري، وأنّ هذا الصراخ هو في الأساس في وجه الرئيس سعد الحريري لا في وجه حليف حليفه، وأنّ المعنيّ بالتهديد بالحرب وباتفاق الطائف هو الرئيس الحريري، وأنّ كلّ هذا الغضب سببه قلب الحريري لطاولة تحريض حزب الله عليه واتهامه بأنّه المعطّل لانتخابات الرئاسة وأنّه هو الرّافض لانتخاب ميشال عون رئيساً، فيما الحقيقة أنّ المعطّل الحقيقي والرّافض لانتخاب الجنرال هو الرئيس نبيه برّي وإن كان حزب الله يدّعي منذ عامين ونصف العام أنّه «ما منترك عون ما منرضى بدالو»!!

الرئيس سعد الحريري أصابهم في مقتل، والأيام المقبلة ستتصاعد ضده التهديدات، وحتى لو تبنّى غداً ترشيح ميشال عون، فإننا على يقين أنّه لا رئاسة ولا رئيس في 31 تشرين الأول ولا الثاني أيضاً!