Site icon IMLebanon

محاولة بري بحذر شديد

 

تمر محاولة اختراق جدار الفراغ الحكومي باختبار دقيق في الأيام المقبلة، بانتقال البحث إلى حكومة من 24 وزيراً، لا يحوز فيها أي فريق الثلث المعطل، بعد قول الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء الأربعاء، “هناك جهود جادة وجماعية من أكثر من جهة ورئيس وطرف للتعاون لتذليل بقية العقبات”. وهو كلام مختلف عما قاله في خطابه في 18 آذار الماضي، والذي استفاد منه حليفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، فرفعا السقف حيال الرئيس المكلف سعد الحريري وصولاً إلى دعوته إلى تعبئة الفراغات على جداول طرحها عليه عون ببضعة أسماء مرشحة للتوزير، في شكل مخالف للدستور، ما أطلق موجة جديدة من الاستهجان الدولي لاستمرار تعطيل الحكومة.

 

إستدرج “التعطيل المتعمد” كما وصفه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، حملة اتصالات واسعة أجرتها الرئاسة الفرنسية مع واشنطن وبرلين ولندن وبعض العواصم العربية، بعضها أجراها الرئيس إيمانويل ماكرون، بينما تولى بعضها الآخر مساعدوه، طلباً لمساهمة هذه الدول في الضغوط لإخراج لبنان من المأزق، لأنه ذاهب إلى كارثة معيشية واجتماعية لا تُحتمل، بسبب تأخير الحكومة والمعالجات لأزمته الاقتصادية المالية.

 

وأعقبها إعلان لودريان التهيؤ لموجة ضغوط على معرقلي التأليف، فضلاً عن أن لقاءات سفراء الدول الكبرى الذين استدعاهم عون الأسبوع الماضي لم تكن نتائجها في صالح الفريق الرئاسي وشروطه. كذلك اجتماعات بعض السفراء مع باسيل.

 

المجتمع الدولي سئم الألاعيب الداخلية، والمناورات المكشوفة في قول الشيء وفعل عكسه، لمن يتابعون الملف اللبناني من الدول التي تبدي استعداداً لمساعدة لبنان، لكنها لا تجد اكتراثاً بمصير البلد من مسؤوليه بقدر تعاطفها معه.

 

حال عدم الاكتراث التي يقابل فيها بعض القادة السياسيين التدهور السريع في الأوضاع المعيشية للبنانيين بسبب تأخر الحلول التي على الحكومة الجديدة وضع مسارها، أثارت حفيظة من يلتقونها من السفراء والديبلوماسيين الأجانب. بعض السياسيين اللبنانيين اعتبروا أن الشعب اللبناني “يتكيّف ويتأقلم” مع الحالة المزرية و”يتدبر أموره”. وهذا أذهل محدثيهم. موقف هؤلاء السياسيين نوع من اللامسؤولية الإجرامية تجاه الشعب.

 

وإذا كان السيد نصرالله أقر بأن “البلد استنفد وقته وروحه” جراء العقبات في وجه قيام الحكومة، على تأخره، فإن عوامل عدة ساهمت في تجديد الوساطة التي يقوم بها رئيس البرلمان نبيه بري، الذي اشترط لقبول المغامرة ضماناً من “حزب الله” بأن لا ثلث معطلاً في صيغة الـ24 التي كان اقترحها رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط على الرئيس عون ووافق عليها، ومن دون الثلث المعطل. اتفاق “حزب الله” مع بري على المحاولة جاء بعد التباين بينهما حيال الحكومة، حين أكدت حركة “أمل” الأسبوع الماضي على حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين بلا ثلث معطل مقابل مطالبة نصرالله بالتكنو- سياسية.

 

المحاولة الجديدة يلفها الحذر الشديد. فهل يريد المعطلون من الحريري أن يوافق على زيادة عدد الوزراء، ثم يعودون للإصرار على الثلث المعطل، أو التكنو- سياسية؟ الصيغة بلا ثلث معطل، تحصر تسمية عون بـ8 وزراء، من أصل 12 مسيحياً، ويفترض أن يسلم بأن الوزير الأرمني المدعوم من “الطاشناق” والدرزي المرضى عنه من النائب طلال أرسلان، هما من تلك الحصة… فتعود تسمية 5 وزراء مسيحيين باقين لغيره، من ضمنهم الحريري. فهل يزيل “الحزب” الألغام من أمام بري؟