الأكيد، أنّ لا أكثرية ثابتة في برلمان 2022، بدليل أنّ إعادة التجديد لرئيس حركة «أمل» نبيه بري مرّة سابعة، احتاج إلى مشاركة وليد جنبلاط أولاً، وإلى خرق «إرادي» ضروري في صفوف «تكتل لبنان القوي»، وإلى دعم بعض النواب غير «المتكتّلين»… فيما انتخاب الياس بو صعب نائباً لرئيس المجلس، فرض معادلة بتركيبة مختلفة، قامت على «سيبة الثلاثي» أي «الثنائي الشيعي» و»التيار الوطني الحر» وحلفائه، وبعض المستقلين أيضاً الذين تمّ تجميعهم على نحو فردي، من هنا وهناك.
والأكيد أيضاً، أنّ نواب «17 تشرين» أو «نواب التغيير» لا يزالون أسرى الاستعراضات الشعبوية التي يحاولون من خلالها تغطية خشيتهم من احداث الفرق في أدائهم وسلوكهم النيابي، وسيكونون في المرحلة المقبلة موضع اختبارات دائمة، لأنّ أي سقطة، ستكون «قاتلة»، من دون أن يعني ذلك أنّ خصومهم، أفضل حالا منهم، لكنهم بدوا بالنسبة للرأي العام، بارقة أمل قد تتحوّل إلى سبب لإحباط جديد. لكنهم في المقابل سيشكّلون مادة مشاكسة ومشاغبة في مجلس النواب، وجلسة الانتخابات، نموذج أول.
– تمكّنت قوى الثامن من آذار من تكوين أول أكثرية لها، ولو أنّها لم تتجاوز الأكثرية العادية، أي 65 صوتاً، ما يعني أنّ امكانية التفاهم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل ممكنة في الاستحقاقات الأساسية، حتى لو خرج الأخير من جلسة الانتخابات يوم أمس، نافياً حصول أي تفاهم انتخابي، إلّا أنّ التنقيب في مصادر الأصوات التي نالها كلّ من بري ونائبه، الياس بو صعب، يؤكد أنّ «التيار» جيّر بعضاً من أصوات كتلته، وبينهم نواب الطاشناق، والنائب محمد يحيى، لمصلحة بري، فيما أعطى الأخير كلّ أصوات كتلته لمصلحة بو صعب. ويمكن الاستخلاص أنّ استحقاق نيابة الرئيس شكّل نموذجاً لقدرة قوى الثامن من آذار على تأمين أكثرية نيابية، مع بعض المستقلين.
– إنّ القوى المعارضة، سواء كانت من قماشة «القوى التغييرية»، أو تلك التقليدية، أي «القوات» و»الكتائب» تواجه تحدياً في توحيد صفوفها، واذا ما فعلتها، سيكون من الصعب على هذه المجموعات أن تصل إلى عتبة الأكثرية، كما حصل مع ترشيح غسان سكاف، مع العلم أنّ الأخير ليس نتاج «لوائح التغيير»، لا بل نجح ضمن تحالف وائل أبو فاعور- محمد القرعاوي، ويتردد أنّ تبني ترشيحه من جانب نواب «17 تشرين» تسبّب بخلاف بين هؤلاء، خصوصاً وأنّ بينهم نواباً أرثوذكساً، أبرزهم ملحم خلف. إلّا أنّ صعوبة التفاهم بين نواب «التغيير» و»القوات» و»الكتائب» والمستقلين، على مرشح واحد، هي التي أدت إلى طرح أرثوذكسي من خارج المعسكريْن في محاولة لخوض معركة متوازنة في وجه الآخرين.
وما رفع من رصيد سكاف هو تصويت «اللقاء الديمقراطي» لمصلحته، مع ادراك أعضائه، المسبق، أنّ المعركة ستمنح بو صعب لقب دولة الرئيس، لكنهم فضّلوا عدم منحه أصواتهم، ربطاً بموقفهم السلبي من «التيار الوطني الحرّ» ورئيسه… مع العلم أنّ أحد النواب لاحظ أنّ معركة غسان سكاف خيضت بعيداً عنه، وبدا خلال الجلسة وكأنه غير معني بما يحصل من خلفه، ولم يكن مكترثاً إلا للكلمة التي أعدها لتلاوتها في حال فوزه. أما «البوانتاج» والتواصل مع النواب، فلم يبذل في سبيله أي مجهود.
ومع ذلك، يقول نائب معارض إنّ بعض النواب «التغييريين» قدّموا الأكثرية على طبق من فضة لمصلحة الخصوم، بحجة التصويت بورقة بيضاء والوقوف على الحياد، وبدليل اسقاط زياد حواط أمام آلان عون مع العلم أنّه بامكان «المعارضات» اذا ما التقت مع «الجنبلاطيين» و»المستقبليين» أن تكوّن مجتمعة أكثرية متينة.
– مرة جديدة، يثبت رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أنه قادر على إدارة اللعبة كبيضة قبان باستطاعتها تمييل الدفة لناحية قوى الثامن من آذار تحديداً، لكي تتمكن من الاستحواذ على الأغلبية النيابية، لأنّ الجالسين على مقاعد المعارضة، وفي ما لو توّحدوا، سيكون من الصعب عليهم أن يتجاوزوا هذه العتبة.