لا نريد الظن بان الوزير جبران باسيل تفوته التجربة الأشد سوءا التي رافقت عهد الرئيس أميل لحود في مسألة التوطين . رفع شعار محاربة التوطين سحابة تسعة اعوام من العهد كشماعة لمزيد من المعارك الداخلية ولا من أزاح حجرا من واقع التوطين الفلسطيني ولا من يحزنون !
لا نسوق هذه المقارنة بما يحصل الآن في إثارة المخاوف المشروعة من توطين اكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري الا لخشيتنا المتعاظمة من استعادة أساليب مدمرة في الدفاع عن قضية محقة . قصة تعديل العودة “الطوعية” الى العودة ” الآمنة ” للاجئين السوريين لا تمر لا بمقاطعة وزير الخارجية لزيارة الامين العام للأمم المتحدة ولا باي اُسلوب آخر غير ناجع ما دام لبنان لم يتعلم من تجارب الخراب التي ضربته تباعا ، الى حدود استفاقة بعض الممانعين الاشاوس الآن مثلا على ان لبنان لم يقدم فروضه الواجبة لترسيم حدوده البرية والبحرية . ترى اين كان هؤلاء طوال حقبة الوصاية السورية التي قمعت كل محاولات الترسيم انطلاقا من مزارع شبعا ؟ ولماذا استفاقوا اليوم ؟
قد لا يكون هناك شك لدى احد في أحقية المخاوف من توطين اللاجئين السوريين على قاعدة النفخ في اللبن بعد الاكتواء بالحليب . ولكن الامر يستدعي مساءلة من نوع آخر وسط الفوضى السياسية المتفشية والمنذرة بتبديد كل الحقوق المشروعة . هل لدى الحكومة استراتيجية موحدة وواضحة لمواجهة خطر التوطين السوري وتوظيف كل العلاقات الدولية والعربية ( ما تبقى منها ) للدفع نحو ازاحة هذا الخطر عن لبنان؟ اذا كان ما رافق زيارة بان كي مون لبيروت هو النموذج فلنقل ” تخبزوا بالأفراح ” !
ثم هل خطر لأهل الممانعة ان يتذكروا ان فريقهم هو الأولى بمسؤولية الحلول العاجلة لمواجهة عبء اللجوء السوري لانه وحده قادر على المونة على النظام السوري ودفعه نحو ايجاد مناطق آمنة لعودة متدرجة لابناء سوريا الى ارضهم التي هجرهم منها اسوة “بشركائه ” في تدمير سوريا ؟ اذا كان رد وزير الخارجية على هذا الطرح من طراز التعامل مع زيارة الوفد الاممي لبيروت فلنقل “حرير راح نلبس ” !
وما دام الشيء بالشيء يذكر فوجئ الناس بنغم أطلقه أخيرا احد رموز الممانعين من بعلبك عن رفض عودة المارونية السياسية من دون إيضاحات كافية طبعا ولا تحديد للجهة التي أرسلت اليها الرسالة . ترى الا تحفز هذه الرسالة الذين يضربون الآن بسيف استعادة الحقوق المسيحية ” السليبة ” على حض الحزب الحليف الذي كان رافعة اساسية من رافعات انقاذ النظام السوري على البدء بالضغط الفعّال لاعادة مئات آلاف اللاجئين السوريين الى ارضهم وتجنيب لبنان اي مغامرات “طائشة” من نوع الحنين الى المارونية السياسية لئلا نقول أكثر ؟