تدخل في حسابات “التيار الوطني الحرّ” عند خوضه أي معركة سياسية، الإنتخابات النيابية المقبلة وكيفية تحقيق المكاسب من أجل رفع “الشعبية”.
يستغلّ رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل جيداً معركته مع الرئيس المكلّف سعد الحريري من أجل شدّ العصب، فهو يعتبر أن رفع شعار “الدفاع عن حقوق المسيحيين” لا يزال “كسّيباً” ويخوضه بشكل آخر من بوابة الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية في مقابل إسترجاع ما أخذه منه “رئيس الحكومة السنّي” في “اتفاق الطائف”.
وتُشكّل الإنتخابات النيابية المقبلة هاجساً لدى “التيار الوطني الحرّ” خصوصاً في عاصمة الموارنة كسروان، فكلّ الإحصاءات تُشير إلى أن شعبيّته تراجعت ووصلت إلى أدنى مستوياتها بعدما حقّق العماد ميشال عون في انتخابات 2005 نسبة 70 في المئة من أصوات المقترعين وفي انتخابات 2009 حقق نسبة 51 في المئة.
وبما أن الإنتخابات النيابية تجرى على أساس القانون النسبي، فإن قضاءي جبيل وكسروان يُشكّلان دائرة واحدة تضمّ 5 نواب موارنة في كسروان ومارونيّين في جبيل وشيعياً واحداً، ويترقّب الجميع كيف سيتصرّف “التيار” في هذه الدائرة الحساسة ومن سيُرشّح.
وتسري أخبار عن أن قيادة “التيار الوطني الحرّ” قرّرت ترشيح وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني إلى النيابة في كسروان، وبذلك ستصبّ الأصوات الحزبية لصالحها بدلاً من النائب الحالي روجيه عازار. ويعود ترشيح بستاني إلى عوامل عدّة أهمها أنها قريبة جداً من باسيل وكانت تعمل كمستشارة في وزارة الطاقة، وكدليل على الثقة “الباسيلية” بها سلّمها الوزارة وكل ما تحوي من أسرار عونية، وكذلك فإن بستاني وجه أنثوي “باسيلي” وليس “عونياً”، وبالتالي فإن باسيل يريد نواباً موالين له في تكتّله النيابي لا أن ينقلبوا عليه.
وإذا أكمل “التيار” في قرار ترشيح البستاني، فإن “حسابات الحقل قد لا تنطبق على حسابات البيدر”، وذلك لأن البستاني كانت وزيرة في الحكومة التي ثار عليها الناس في 17 تشرين وكانت رمزاً من الرموز التي هاجموها، والأهم أنها وزيرة طاقة، أي راعية العتمة في لبنان، ومعروف أنّ وزراء “التيار” إستلموا “الطاقة” منذ العام 2009 والبلاد تغرق في العتمة، وقد هدروا أكثر من 45 مليار دولار على الكهرباء، ما يُشكّل نحو نصف الدين العام، وكذلك فإن البستاني كانت وزيرة للطاقة وأكملت بصفقة البواخر الشهيرة، لكن بعض “الفكهاء” الكسروانيين يقولون إنها فد تفوز لأنه عند ذكر اسمها أثناء عملية الفرز ستنقطع الكهرباء وعندها “الله وحده يدري ماذا سيحل بالصناديق”.
خاض “التيار الوطني الحرّ” إنتخابات العام 2018 متّكلاً على قوّة العهد والمصالحة المسيحية وشبكة من التحالفات العابرة للمناطق والطوائف، وقد تحالف في كسروان مع كل من نعمة إفرام ومنصور البون وزياد بارود، ورغم هذه المروحة الواسعة من التحالفات لم تحصد لائحته سوى 3 مقاعد ذهبت إلى كل من إفرام والعميد شامل روكز وعازار وبذلك يكون قد حصل على نائب حزبي واحد.
ويضع “التيار” نفسه اليوم في موقف لا يُحسد عليه، وقد استنفد سلوك العهد وباسيل كل رصيده وتراجعت شعبيّته إلى الحدود الدنيا، وبات من دون حلفاء بعدما تركه الجميع نتيجة سوء إدارة الحكم، وبالتالي فإن الحديث الكسرواني يتركّز حول كم مقعد سيحصل “التيار” في حال خاض الإنتخابات من دون حلفاء كسروانيين، ويذهب البعض إلى القول إنه في أحسن الأحوال قد يحصل على مقعد واحد.
لا شكّ أن المعركة صعبة وستتركّز بشكل أساسي في الدوائر المسيحية وعلى رأسها دائرة كسروان- جبيل، لذلك فإن هذه الدائرة قدّ تُغيّر وجه السياسة اللبنانية لأن العتب على “التيار” ليس فقط من ناحية سوء الإدارة والفساد بل أيضاً على الإلتصاق بـ “حزب الله” وأخذ لبنان إلى الحصار نتيجة تبنّي العهد سياسة “الحزب” ومن خلفه المحور الإيراني.