ناديا الشامي عون: سيدة الظلّ الأولى
عارفوها يؤكدون تأثيرها في قرارات عون
بروتوكولياً، تحضر سيارات الموكب الرئاسي فور انتخاب رئيس الجمهورية لتقله والسيدة الأولى الى القصر الجمهوري. غير أن السيدة ناديا الشامي عون رفضت، أول من أمس، الذهاب الى بعبدا بالسيارتين الرئاسيتين اللتين انتظرتاها خارج منزل واحدة من صديقاتها، وأصرّت على استخدام سيارتها الخاصة لملاقاة زوجها، الرئيس ميشال عون، في القصر.
قبلها بـ26 عاماً رفضت زوجة الرئيس المنتخَب الخروج وإخراج أولادها من القصر عينه قبل الاطمئنان الى خروج كل النسوة المتطوعات منه.
السؤال عن السيدة الأولى بين صديقاتها وأصدقائها يتقاطع حول صفة رئيسية: التواضع. وعلى عكس زوجات السياسيين اللواتي يبحثن عن دور للظهور عبر التنافس على رئاسة المهرجانات أو اختراع المناسبات الاجتماعية ونشرها في المجلات، اختارت ناديا البقاء في الظل والإبقاء على دائرة صداقاتها ضيقة جداً. ومن خلف الستارة هذه، أدّت زوجة الجنرال، وما زالت، دوراً رئيسياً في حياة عون؛ ويقول عارفوها إنها مؤثرة جداً في قراراته، وعندما تعطي رأيها في أمر ما يأخذ به بالتأكيد. إلا أنها امرأة ظل، تنسحب من صالون الرابية ما إن يتخذ الحديث منحى سياسياً، حتى إن كان الأمر عبارة عن «صبحية» مع شباب التيار أو نوابه.
وصلت السيدة الاولى الى القصر بسيارتها رافضة استخدام سيارات الرئاسة
ولكنها تحرص قبل ذلك على استقبالهم وتسمية الشباب بأسمائهم وتقديم القهوة بنفسها. الشباب المناضلون القدامى يتحدثون عنها بحبّ، ويقدّرون حرصها في كل مرة يلتقونها على سؤالهم عن أوضاعهم وعائلاتهم. وتشير إحدى صديقاتها إلى أنها «أم وتيتا بكل ما للكلمة من معنى، غير متكلفة، وتتركز حياتها حول عائلتها وبناتها وأحفادها». وهي في الوقت نفسه «ذكية وقوية الشخصية، كانت دائماً ملجأ الجنرال والبنات اللواتي يستمددن منه قوتهم».
خلال إقامتها في بعبدا قبل 27 عاماً، «رفضت ارتداء الثياب الملونة احتراماً للشهداء، وظلت صلبة رغم غياب زوجها المستمر والأوضاع السيئة آنذاك». ويُجمع عارفوها على أن أوجه التشابه بينها وبين عون كثيرة جداً، لذلك الانسجام بقي كبيراً.
خلال أعوام النفي الخمسة عشر في فرنسا، ضحّت ابنة زحلة بحريتها وخصوصيتها من دون أن تتذمر، حتى حين كانت غير قادرة على الخروج من منزلها لعام كامل. قبل ذلك، لم تعرف معنى الاستقرار في لبنان، وكانت دائمة الترحال من صيدا الى صربا، ومن منزل الى منزل، بحكم حياة زوجها العسكرية آنذاك. وتجزم المصادر بأن عون «يقدّر كل ذلك ويحترم صبرها وبقاءها «ناديا» نفسها في كل المراحل والظروف». حتى بعض خصوم عون في السياسة، يعبّرون عن احترامهم لقدرتها على البقاء خارج الأضواء كل تلك السنوات.
صورة قصر الرئاسة الرسمية، أول من أمس، تكشف عن ملامح امرأة قوية لا تكترث للمظاهر. ووراء الصورة، ربّة منزل تحرص على إعداد طبختها في صباح كل يوم. والدة حافظت على لحمة عائلتها رغم الحرب والنفي، ورفيقة درب كانت ملجأ عون وأحد مصادر قوته. قد تكون الصورة الرسمية، الصورة الشعبية الأولى والأخيرة لناديا الشامي عون في بعبدا. فسيدة الظل التي اختارت منذ 48 عاماً ــ تاريخ زواجها بعون ــ العيش خارج دائرة الضوء، ستبقى دائماً في الظل، رغم ما يفرضه عليها «المنصب» الرسمي من خروج إلى العلن في مناسبات كثيرة. من المنتظر أن يسمع اللبنانيون كثيراً عبارة «برعاية اللبنانية الأولى»، لكن كثراً منهم واثقون من أن تجربة اختراع «جمعية خيرية» للسيدة الاولى، تستفيد من المال العام لتسويق اسم عائلة الرئيس، لن تتكرّر هذه المرة.