بدأ ضجيج التحالفات الإنتخابية يُسمع في سماء الأشرفية وبيروت، إذ إنّ معركة العاصمة تحتل صدارة الإهتمامات اللبنانية والعالمية.
تأتي الإنتخابات كفرصة للشعب اللبناني لمحاسبة المحور الذي أوصلهم إلى حالة الفقر والإذلال، وبالطبع لن يفوّت الناخب البيروتي هذه الفرصة التي تساهم في صناعة مستقبل البلد.
ويأتي الصراع على المقعد الماروني في سياق إثبات الحضور القوي للزعامات المسيحية في العاصمة، فقبل الحرب كان لذاك المقعد رمزيته، إذ أُطلق عليه إسم مقعد الشيخ بيار، الرئيس المؤسس لحزب «الكتائب اللبنانية»، وفي حينها كان يُقال أن الجميل الجدّ الذي اختار الترشّح في الأشرفية بدلاً من مسقط رأسه المتن، يخوض معركة مارونية على أرض أرثوذكسية وبتمويل كاثوليكي ويفوز بالأصوات الأرمنية.
هذا قبل الحرب، أما بعد سقوط لبنان تحت الإحتلال السوري فلم يكن لهذا المقعد ولا لبقية المقاعد أهمية تذكر، وبعد انسحاب جيش الإحتلال السوري فازت صولانج بشير الجميل بالمقعد الماروني، ومن ثم فاز نجلها نديم الجميل في دورتي 2009 و2018. ولا يزال للرئيس الشهيد بشير الجميل وقعه ورمزيته في الأشرفية، ويعتبر نجله نديم مرشحاً باسم خطّه، إذ إنّ كل المعلومات التي تحدّثت عن عزوفه عن الترشح وترشيح شقيقته يمنى مكانه لا أساس لها من الصحّة، فيمنى لا تزال تدرس خياراتها.
ويتحدّث نديم مع كل القوى السيادية في الأشرفية والصيفي والرميل والمدوّر، ويبقى التنسيق الأكبر مع حزب «القوات اللبنانية»، لذلك فإن الإحتمال الأكبر أن يتحالف مع «القوات» أو يشكّل لائحة بالتنسيق معها في حال كانت الحسابات الإنتخابية تؤمّن له ولـ»القوات» والقوى السيادية الفوز بأكبر عدد من المقاعد.
لكن مشكلة نديم الجميل ليست «القوات» أو بقية أفرقاء 14 آذار سابقاً، بل إن المشكلة الأساسية هي عند ابن عمّه رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل، فعندما كانت تركّب التحالفات عام 2018 أراد سامي التحالف مع «المجتمع المدني» بينما كان نديم يرغب بالتحالف مع «القوات»، وبعد إصرار سامي جاوبه نديم: «إذا كنت تريد المجتمع المدني تفضّل وترشّح إنت في الأشرفية وتحالف معهم فهذا المقعد هو مقعد جدّي رئيس الحزب وأنت الرئيس اليوم وأنا أترشّح في المتن». هذا في الدورة الماضية، أما حالياً فإن نديم قد اتخذ قراره النهائي بالترشّح في الأشرفية تحت شعار «الأمر لي» في دائرتي، وإذا أحب سامي «المجتمع المدني» فلينقل ترشيحاتهم إلى المتن ويضعهم على لائحته.
ويبدو أن معادلة الأشرفية مقابل المتن يضعها القريبون من نديم كأولوية، فإذا حاول سامي «الزكزكة» في الأشرفية عبر دعم «المجتمع المدني» في وجه نديم أو ترشيح كتائبي ضده، عندها ستكون المعركة علنية وسينتقل نديم لخوض معركة ضد سامي في عقر داره.
لا ينوي نديم الإستقالة من «الكتائب»، فهو يعتبر أنه حزب آلاف الشهداء والمناضلين وليس حزب شخص، وبالتالي فإن الخطّ الذي يسلكه الآن الحزب لا يعبّر عن نضال الأجيال ولا يمتّ إلى تاريخ «الكتائب» بصلة وهو يخسّره في كل لبنان ويحوّله إلى قوّة مناطقية متنية.