يُتهم النائب نديم الجميل بأنه أقرب إلى القوات اللبنانية منه إلى حزب جدّه، الكتائب. إلا أنّه في الملف الرئاسي، في صف القيادة الحالية لحزبه في مواجهة سعد الحريري وسمير جعجع اللذين «قضيا على حلم 14 آذار لمصلحة حزب الله»
الخلافات بين حزبَي الكتائب والقوات اللبنانية وصلت حدّاً لم تعد تنفع معه محاولات نفيها ووضعها في إطار «التباينات». انتقل «التباين» من الصالونات الضيقة إلى تقاذف التهم إعلامياً. يهجم الرئيس أمين الجميّل على «اتفاق معراب»، فينتدب رئيس القوات سمير جعجع نائبه فادي كرم للردّ عليه.
يتولّى النائب أنطوان زهرا الردّ على هجوم الكتائب على تبنّي جعجع ترشيح النائب ميشال عون بالتأكيد أنّ النائب سامي الجميّل كان يطّلع يوميّاً على مراحل المفاوضات مع التيار الوطني الحرّ، فينفي حزب الصيفي في اليوم التالي كلام «الرفيق السابق». وبعد إطلالة الجميّل الإعلامية مساء الأحد، تلجأ المستشارة الإعلامية لـ«الحكيم»، أنطوانيت جعجع، إلى «فايسبوك» لتكتب: «بكرا بيكبر وبصير رجال، الولد بعدو ولد ورح نطوّل بالنا لأنو نور العين»، مستعيرةً العبارة الأخيرة من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
في كلّ مرحلة من مراحل الخلاف بين «الحليفين بالإكراه»، يبدأ رصد مواقف النائب نديم الجميّل، العضو شبه الوحيد في الكتائب الذي «أستطيع تفهّم موقف جعجع»، كما يقول في حديث مع «الأخبار». وهو الذي رأى سابقاً أنّ «المصالحة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية خطوة مهمة».
ساير الجميّل معراب في مواقف عدة، أبرزها مشروع القانون الأرثوذكسي للانتخابات النيابية. عارض حزبه وتغيّب عن جلسة منح الثقة لحكومة تمام سلام، معرّضاً نفسه للفصل، ليتماهى بذلك مع قرار «القوات» بالبقاء خارج مجلس الوزراء. اختلف مع قيادته الحزبية وتمرّد عليها، حتى وصل به الأمر حدّ محاولة تشكيل «لواء معارض»، فيما كان يلقى «عناية» خاصة في احتفالات معراب. زاد وتيرة عمله، فانعكس ذلك نشاطاً خدماتياً وحضوراً شعبياً في الأشرفية وبقية مناطق جبل لبنان، محاولاً تكوين كيانٍ خاص به، ومستفيداً من الدعم الذي كانت تُقدّمه له قيادة «القوات» باعتباره ابن «المؤسّس» بشير الجميّل و»نور العين». بيد أنّ المفاجأة كانت أن يُعلن خلال الاعتصام الذي نُظّم أمام منزل الوزير ميشال سماحة في الأشرفية، اعتراضاً على قرار إطلاقه، أنّ «من يرشّح (النائب سليمان) فرنجية أو عون لا يستطيع اليوم أن يستنكر خروج ميشال سماحة من السجن»، وأنّ «موقف الكتائب اليوم من الملف الرئاسي يُعبّر عني». هذه الرصاصة أصابت معراب، «إلا أنّ التواصل بيننا لم ينقطع» على ما يؤكد.
لا يجد الجميّل غير عبارة «مستاء» ليصف شعوره حيال ما آلت إليه الأمور. هو استياء من «الوضع الذي وصلت إليه قوى 14 آذار، وتتحمّل مسؤوليته كلّ القوى». البداية كانت مع الرئيس سعد الحريري، «هو أخطأ في حساباته، لأنه ظنّ أن الكلّ سيلتزم بقراره، فأدّى ذلك إلى تدهور أوضاع فريقنا». أما جعجع «فلم يكن يملك خياراً آخر لمواجهة ترشيح فرنجية سوى تبنّي ترشيح عون. أتفهّمه، ولكن ذلك لا يعني أن أتبنّى موقفه». انتقاده للحليفين الرئيسيين نابع من فكرة أنه «لا يجوز تسليم الرئاسة لقوى 8 آذار. واجهنا عشر سنوات لا لكي نرضخ أخيراً». يأسف الجميّل لأنّ «ركيزة ثورة الأرز تخلخلت. نحن اليوم قضينا على الحلم لمصلحة حزبٍ (حزب الله) لا يقيم لنا وللبنان اعتبار». الحلّ هو في أن «يفهم الحريري وجعجع أنهما أخطآ»، و»توحدّ زعماء 14 آذار واتفاقهم على مرشح رئاسي آخر». أما الأهم فهو «دفن اتفاق بكركي (اختيار واحد من الموارنة الأربعة) بعد أن تحوّل إلى رماد».
الحديث عن الانتخابات النيابية «لا يزال مُبكراً»، ولكن «القبول بأي اتفاق من أجل الحصص هو انتحار». في حال تحالف التيار الوطني الحر والقوات في الأشرفية، «وكان تحالفهما على استعداد لتقبّلي بكلّ ما أمثّله، فقد نتحالف معاً. وإذا لأ، فسيكون لي كلام آخر». هل سيكون ذلك بمعزل عن موقف حزبك؟ «حزبي وأنا في الخندق نفسه»، مؤكداً: «إذا كان ترشيحي مشروطاً بدعم عون للرئاسة، فستين سنة على المقعد».
فترة من الوئام تسود علاقة الجميّل بقيادة الكتائب حالياً، إلا أنه يُعارض الحوار مع حزب الله: «هذا اسمه استسلام. حين نكون قوة تفاوض من أجل نيل مكاسب، حينئذٍ يكون حواراً». بشكل عام «أنا ضد الحوارات الثنائية، باستثناء التيار والقوات بسبب وجود مشكلة قديمة»، علماً بأن «الشيخة صولانج» كانت قد أطلقت على التحالف الرباعي لقب «التحالف الاستراتيجي».
لا يُخفي الجميّل حلمه بالتوسع، لذلك «أقوم ضمن إطار العمل الحزبي بزيارات إلى المناطق». خفّ تضييق الخناق عليه داخل الحزب بعد مصالحته مع «ابن العمّ»، فتوسّع ملعبه: «أنا ألعب دوري كنائب. هناك قرار أن نُحسّن وضع الحزب». يُصرّ على إبداء رأيه بمعزل عن أي ارتباطات، ولكن ضمن إطار «الكتائب»، لأنه «لو بدا تشتّي كانت غيّمت».a