ست مرّات أطلّ الشيخ نعيم منذ انتخابه (أو تزكيته) أميناً عاماً لـ “الحزب” خلفاً للسيد حسن نصرالله. ست مرّات أطلّ الحكّاء المتمرّن في ستة أسابيع تقريباً، أي بمعدّل مرة في الأسبوع وإن تأجّل عرض واحدة من حلقات السمر المشوقة لسبب تقني، أو تأخر موعد بسبب تطورات الميدان، يداوي الجمهور ساعات الانتظار الصعبة بـ “تنفيخ” الأراكيل في انتظار ظهور الشيخ المشعّ.
لدى سماحة الحكّاء، في كل “مونولوغ” ما يضيفه إلى “سردية” الحرب. رشة فلفل. عصرة حامض. توليفة من عندياته كمثل “كنا نتوقّع عدوان إسرائيل المجرمة، الغاصبة، على لبنان في أية لحظة لكن لم نكن نعلم ما التوقيت الذي سيختاره الصهاينة لهذا العدوان لكن في الواقع هذا ليس له علاقة بإسناد غزّة”.
كم يجب أن يكون المشاهد بسيطاً وساذجاً وبريئاً وسطحيّاً ومحدود القدرات العقلية وطيّب القلب وعلى نياته كي يصدق أولاً أن الصهاينة كانوا سيعتدون على لبنان ويحاولون احتلاله من دون سبب، وكي يصدق ثانياً أن إسناد غزة عمل مدروس ينم عن ذكاء خارق؟
إصحَ يا شيخ. شغّل المنطق والذاكرة لعشر دقائق. قل شيئاً قابلاً للهضم العقلي. عدا الانتصار المعبّر عنه بـ “منع العدوّ من تحقيق هدفه بسحق المقاومة” ماذا عن أهداف هذه المقاومة بشأن القدس والجليل ومزارع شبعا… إلى آخر معزوفة التخدير؟ حبذا لو ذكّر سماحته الجمهور غير المخدّر بما وعد به نصرالله العام 2008 ببداية معركة إنهاء إسرائيل؟ أو على الأقل فليعد إلى تأكيده بـ “بداية تهيئة الظروف لإزالة إسرائيل”.
في المنحى الإيجابي، حسنا فعل الشيخ بإقراره أن “حزب الله خسر في هذه المرحلة طريق الإمداد العسكري عبر سورية” مستدركاً “الخسارة تفصيل في العمل المقاوم”. بذلك طمأن القلقين من عدم استكمال “عيلة فادي” بصواريخ فادي 4 وفادي 5. سكّر البر؟ ما همّ فالبحر مفتوح لنركبه والجوّ مشرع والطقس جميل.
نعيماً يا شيخ. “صحصح”. خذ دشّاً بارداً يهز الكيان والوجدان…والميدان. خذلتَ الممانعين المنتظرين موقفاً أخلاقياً متعاطفاً مع عضد المقاومة وسندها، ما توقعوا تفجير ما اختزنه قلبك من عشق للديمقراطية بجملة واحدة: “من حقّ الشعب السوري أن يختار قيادته وحكمه ودستوره ومستقبله”. المفاجأة لا بل الصدمة تجاهُل سماحته ما حلّ بأيقونة الممانعة بشّار الأسد. استكتر عليه كلمة مواساة. كلمة شكر على كل ما قدمه لشعبه ولشعبنا وللبشرية جمعاء من خدمات إنسانية. بخل على الـ”مشنشط” مع شنطه بين موسكو وسان بطرسبورغ بما يبلسم شقاءه.
في المحصلة إن خيارات الدكتور الديكتاتور بنتائجها الكارثية لا تقل سوءاً عن خيارات الشيخ “نعيماً”. إلى اللقاء في الحلقة السابعة.