Site icon IMLebanon

الصّمت الفعّال

 

ليست المرّة الأولى التي يتطاول فيها نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم على لبنان والشعب اللبناني، فتأتينا ملافظه الفظّة العقيمة لتزيد أيام اللبنانيّين تشاؤماً من إمكانيّة الخلاص من نعيم وحزبه، وبالنسبة لكثيرين ليست المرّة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يُطلق فيها الشيخ نعيم قاسم الهراء الذي عوّدنا عليه، فتخييره الأخير اللبنانيّين على وقاحته ليس بجديد وهو لا يزال ضمن الإطار الذي وضعه حزب الله لنفسه منذ ثمانينات القرن الماضي، ما الجديد في قول قاسم “هذا هو لبنان الذي نريده، من أراد التحق به ‏ومن لم يرد فليبحث عن حلّ آخر” أليْس ما يفعله حزب نعيم قاسم في لبنان هو المعلن منذ ثمانينات القرن الماضي: “نحن لا نملك مقومات حكم في لبنان والمنطقة، لكن علينا أن نعمل لنحقّق هذا. ومن أهم الوسائل تحويل لبنان مجتمع حرب (السفير، نيسان 1986)”. “مشروعنا هو إقامة مجتمع المقاومة والحرب في لبنان (السفير، تشرين الثاني 1987)”. ألم يتمّ تدمير اقتصاد لبنان ومؤسّساته السياسيّة والاجتماعيّة والماليّة؟!

 

ليست المرّة الأولى التي يكون فيها لبنان منصّة وساحة تُستخدم ضدّ العرب عموماً، وضدّ المملكة العربيّة السعوديّة خصوصاً، ليست المرّة الأولى التي يكون فيها لبنان مخطوفاً ضدّ نفسه وانتمائه العربيّ، منذ الدستور الأول الذي كان فيه لبنان “ذو وجه عربي”، حتى أقرّ في اتفاق الطائف عام 1990 نصّ يؤكّد أن لبنان عربيّ الهويّة والانتماء، وللمفارقة أنّ لبنان منذ ذلك التاريخ اختطفه فريق إلى الحضن الإيراني منذ العام 1979، وعمل بدأبٍ على تكريسه دولة مشلولة مستتبعة للوليّ الفقيه الإيراني، وهذا واقع لا يُظنّن أحد أنّ لبنان قادرٌ على التفلّت منه إلا متى تمّ وضع حدّ لسلاح حزب الله بنزعه وتلقّي الحزب ضربة تلجمه وتقضي على وعلى مشروعه، وهذا أمرٌ صعبٌ تحقّقه في الوقت الرّاهن!

 

قبل سنوات تحدّث الشيخ نعيم قاسم فقال لشعب بيئته المقاومة ـ في وقت كان حزبه أضاع عاماً ونصف العام مانعاً انتخاب رئيس جمهوريّة ـ “كلّ مشكلتنا مع الطرف الآخر أنّه يريد لبنان ولاية سعودية ونحن نريد لبنان للبنانيين، وهذه المشكلة”، عمليّاً يكاد لبنان يصبح عدوَّ نفسه لأنّ التعقّل عند بعض اللبنانيّين والذي يقابله في نفس الوقت رفض لبناني لسياسة الخضوع والخوف من حزب الله كلّفت لبنان ثمناً باهظاً، فالمواجهة السلميّة مع حزب الله هي الحلّ الوحيد المتاح أمام اللبنانيين، وإلا فهم ولبنان ذاهبون إلى هاوية الاحتلال الإيراني وأسر أجندات إيران وحزبها في المنطقة!!

 

لا يوجد بلدٌ في العالم فيه هذا الكمّ من التعطيل السياسي والعقد والاستفزاز يستمرّ شعبه في العيش برغم أنف الجميع، هذه ميزة لبنانيّة فريدة من الصعب أن تجدها في مكان آخر، ومن المؤسف أنّ الانقسام في الموقف اللبناني يزيد حزب الله غطرسة وصلفاً وإمعاناً، ونجح في تدمير علاقات لبنان مع محيطه العربي، والمؤسف أيضاً أن الدولة العربيّة لم تكن تملك خطة واضحة لمواجهة حزب الله والتحرّك الذي تطلبه في لبنان يفوق قدرات اللبنانيين الذين أصيبوا بخيبات ومرارات متتالية سببها تجرّع لبنان مرارات التخلّي العربي والتي أوصلت لبنان إلى هذه اللحظة!

 

بقوّة سلاح حزب الله وأمينه العام ونائبه الشيخ نعيم قاسم لم تترك إيران في المدى المنظور فعاليّة لأيّ دورٍ عربيّ ولا فرنسي أو أوروبي ولا أميركي في لبنان، وطالما كان قرار الصمت سيّد الموقف سنسمع الكثير من عيّنة كلام نعيم قاسم، حان الوقت اللجوء الذي الصّمت الفعّال الذي يُسمع دويّه في أرجاء العالم فتتحرّك دوله لتخليص لبنان من براثن إيران وحزبها!