بات «التيار الوطني الحر» الحديث النشأة حزبيا، بعد ان كان حالة شعبية توأما لاحزاب اللبنانية التي تعيش ازمات داخلية عنوانها الصراع على السلطة وتسلط افراد عليها فالتحق في ركبها.
ولم يعد امام المعارضين او المعترضين على اداء رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، سوى الاعلام يلجأون اليه للتعبير عن مواقفهم وآرائهم الرافضة للتفرد بالقرار داخل التيار من قبل باسيل الذي سكت معارضوه عن تعيينه دون انتخاب في رئاسة التيار، لان العماد ميشال عون اختاره، فقبلوا به على مضض، وانكفأ معارضوه وفي مقدمهم نعيم عون ابن شقيق الجنرال واعطوا فرصة سماح علّ الاوضاع تتغير وخاضوا الانتخابات الداخلية في التيار وفازوا بالعديد من هيئات التيار في المناطق، للتأكيد ان القاعدة الحزبية معهم، كما الحالة العونية التي هي الاكثرية الشعبية التي منها يتمثل «التيار الحر» بأكثرية نيابية ويتحدث باسم المسيحيين وحقوقهم.
فبعد سنة من ترئيس باسيل للتيار اصطدم بواقع تنظيمي ليس معه وانه ليس هو العماد عون الذي يستطيع تدوير الزوايا كما يقول القيادي في التيار نعيم عون الذي يكشف لـ« الديار» عن ان خروجه الى الاعلام كان بسبب رفض باسيل الحوار الداخلي ولأن النقاش حول قضايا داخلية لا يقبل به، هو ما ادى بأن يظهر ابن شقيق عون في مقابلة تلفزيونية بعد تعليق عضوية زياد عبس ورفاق له من الناشطين والمناضلين الاوائل في التيار لاسباب ليست موضوعية مما اضطر نعيم ان يعلن بالصوت العالي، رفض «الدكتاتورية» التي يمارسها رئيس التيار الذي يلجأ الى اساليب الترهيب والترغيب، واقصاء كل من يقول لا له وهذا ما فعله مع معارضيه، واللجوء الى قرارات تعسفية وقمعية وهي ليست من ثقافة التيار ولا تاريخه النضالي، وهو ما يجب قوله للرأي العام داخل التيار وخارجه والاعلام له دور اساسي في صناعة الوعي لدى الناس وهذه اللعبة سنلعبها حتى النهاية يقول المعارض عون الذي لم تعد الضوابط التنظيمية تمنعه من ان يعلن الوقائع كما هي، وهذا ما فعله باطلالته التلفزيونية وفي مواقفه الاعلامية لان الوضع داخل التيار لم يعد يحتمل السكوت ولو كان مكلفا، لانه ليس طالبا لنفسه شيئا، لا منصب قيادي، ولا موقع سياسي وتاريخي النضالي في التيار معروف ولا احد يمكنه ان يقول كلمة بحقي ونحن نملك ما نقوله وبجرأة بحق من يشوهون التيار ومسيرته وتاريخ مناضليه، وتحويله الى غير وجهته، وفق ما يؤكد عون الذي يشير الى ان المسألة ليست مراكز او كراسي بل موضوع التيار ودوره كمؤسسة حزبية فاعلة لا تلعب الفردية فيه، فلا مشكلة سياسية مع العماد عون حيث يحاول البعض ان يلعب لعبة العاطفة لجهة ان كل انتقاد يوجه الى رئاسة التيار يفسره هذا البعض وكأنه يستهدف الجنرال، وهذا غير صحيح يقول نعيم عون الذي يشير الى ان الرأي العام في التيار وخارجه نضج ولم يعد تمر عليه مثل هذه الاضاليل.
فالمعركة مستمرة ضد تفرد باسيل بقرار التيار يقول عون وبأنها ستبقى من داخل التيار وليس من خارجه الذي لن نخرج منه كما يحاول البعض ان يدفعنا بهذا الاتجاه فالمأزوم هو من سيخلي مكانه وباسيل خلال عام اثبت انه في ازمة وان كان لا يريد ان يعترف بوجود هذه الازمة وان المعارضة لديها القدرة ان تخوض المعركة من الداخل وتفرض ادائها وهذا ما يحصل ويكفي متابعة مواقع التواصل الاجتماعي لقراءة ما يواجه باسيل من انتقادات وهذه حقيقة يجب ان يقرر بوجودها.
فكل الاحزاب مرت وتمر بما بعيشه «التيار الوطني الحر» وحصلت فيها انتفاضات داخلية لتصحيح المسار وكل ذلك بسبب حالات التفرد والتسلط، التي يقوم بها فرد داخل حزب ومجموعة متحلقين حوله مستفيدين منه وهذا ما نعمل على تغييره «فالتيار الوطني الحر» هو مجموع المناضلين الذين لا يمكن ان ينهيهم قرار طرد او فصل او تعليق عضوية لاسباب ان منهم من قال لا لشخصنة التيار ولا للاستيلاء عليه وهذه هي معركة المعارضين ضد رئاسة باسيل كما يؤكدون وهي تشبه تلك التي حصلت في جميع الاحزاب بعد غياب مؤسسها واحيانا في حضوره وان ما يجري في «التيار الوطني الحر» ان العماد عون يشهد في حياته على حالة شعبية تحلقت حوله في قصر بعبدا رافضة الوجود السوري العسكري واستيلاء الميليشيات على مؤسسات الدولة ومرافقها ومتجاوبة مع خطاب الاصلاح والتغيير وتحملت الاضطهاد والقمع والمنافي، ان ما حصل ان السلطة غيّرت في الاشخاص والسلوك والاداء فكان التعبير عن الرفض لان الاداء السياسي جاء مختلفا عن الشعارات والمواقف وربما هذا ما حصل في انتخابات بلدية بيروت اذ جاءت الاصوات لصالح «بيروت مدينتي» اكثر من «لائحة البيارتة» التي كان التيار شريكا فيها مع «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» التي كانت قاعدة «التيار الحر» في موقع مخالف لقرار القيادة فكان لا بدّ من قطع رأس زياد عبس تنظيميا كي لا يتحول الى حالة سياسية عشية الانتخابات النيابية المرشح لها في الاشرفية والتي سيحرم منها بعد تعليق عضويته.