في الخارج، الضغوط الدولية والإقليمية مستمرّة على لبنان، مصحوبة بحديث عن دفعة جديدة من العقوبات الأميركية على “حزب الله” وبيئته وحلفائه، بموازاة تنشيط قنوات التفاوض الديبلوماسي خلف الكواليس، إستعداداً للمرحلة الجديدة، ومواكبة لشكل الحلّ المُرتقب أن تتبلور معالمه مع الإنتخابات الرئاسية الأميركية.
امّا في الداخل، فالإستعدادات جارية على قدم وساق للإعلان عن ولادة جبهة مُعارضة جديدة، بعد الإنتهاء في اجتماع وشيك، من وضع اللمسات الأخيرة على أطر عملها، بعدما تشكّلت أمانة سرّها، والعمل لتوفير شروط نجاحها، عِلماً بأن الإتّصالات في هذا الشأن قد قطعت شوطاً بعيداً.
فممّن تتألف هذه الجبهة؟ وما هي أهدافها؟
في هذا السياق، تشير المعلومات المتوافرة الى أنّ الجبهة المرتقب إعلانها قريباً، لن تكون كسائر الجبهات او التكتّلات، ولن تُشبه أحداً، سواء في تكوينها أو في أهدافها، بل ستكون جبهة موسّعة وتضمّ قوى وقياديين مُعارضين، وُلِدوا من رحم المعاناة، ولطالما كانت لهم صولات وجولات وتجارب في تاريخ النضال، فالتقوا حول أفكار عدّة بعدما أجروا عملية نقد ذاتي، وجمعتهم قواسم مشتركة، ورؤية للمستقبل، وهي تخضع حالياً لمزيد من النقاش وتنسيق الخطوات لتحديد المقاربات والأولويات، ورسم خطة العمل للإنطلاق في رحلة الألف ميل.
ويتحدّث هؤلاء المعارضون عن أسباب عدّة دفعتهم الى إنشاء الجبهة، لعلّ في مقدّمها أنّ الثورة قد نجحت في كسر الجمود في الحالة السياسية المُستمرّة منذ سنوات مع المنظومة القائمة، غير أنّها لم تتمكّن حتى الآن من تقديم أي بديل جدّي، وهذا الوضع أوقع السلطة في مأزق، والثورة كذلك، والجبهة تسعى الى خلق بديل جدّي، كون المنظومة الحاكمة في حالة موت سريري، وتتطلّع الى مرحلة انتقالية تعطي ثقة للمجتمعين اللبناني والدولي.
وعن هدف الجبهة يقول القيادي في “التيار ـ الخط التاريخي” نعيم عون، لـ”نداء الوطن”: “إن البلاد على مشارف موت حقيقي، والجبهة ستسعى لتحويل الانفجار الوشيك، إلى فرصة تغيير حقيقية”.
ويؤكّد أنّ “الدعوة مفتوحة للراغبين بالانضمام، ولكل من لديه رغبة في التغيير، ومن يملك فكرة يريد طرحها، فهذا عمل وطني لإنقاذ البلد، عِلماً انّ لعملية الإنقاذ شروطها، والجبهة ليست لعبة معارضة وموالاة تقليدية”.
ويحرص عون على التوضيح “أننا لا نسعى لتأليف حزب سياسي في هذه المرحلة، فظروف لبنان الراهنة لا تحتمل إنشاء أحزاب جديدة او تركيبات سياسية، فهذا لا يفيد بشيء في المرحلة الراهنة”. ويشدد على أن “عملية بناء الثقة بين الشارع والقيادة تحتاج بعض الوقت، فالثقة تُكتسب ولا تعطى”.
عون الذي يأخذ على الطبقة الحاكمة سلوكياتها التي لم تتبدّل، يؤكّد أنّ “ما يحصل اليوم ليس وليد صدفة بل كان أمراً مُتوقّعاً، ولطالما كنّا حذّرنا من المسار الذي تشهده البلاد بفِعل مُمارسات الطبقة السياسية الحالية، والأخطاء التي ارتكبتها في الإدارة على مدى ثلاثين سنة”. فهذه الطبقة في اعتقاده، “هي غير قادرة على إنتاج الحلّ، بفِعل مُقارباتها التقليدية”.
الا أنّ عون يؤكّد أخيراً وجود عناصر حقيقية كي ينهض البلد مُجدّداً، لكنّه يرى أنّ “مخرج مخاض الحلّ سيكون أشدّ قساوة”.