للشيخ نعيم قاسم، نائب المرشد الأعلى للجمهورية، قراءات خاصة للتطورات في لبنان، أو بالأحرى قراءات مخصصة لجمهور مشاهديه، ففي الوقت الذي يُطالب فيه وزير الإعلام جورج قرداحي بالإستقالة، كخطوة بدهية تمهّد لاستعادة التواصل، ولو غير المباشر، مع المملكة العربية السُعودية، طالب الشيخ نعيم من المملكة أن تعتذر على عدوانها غير المبرر على لبنان.
أي أعتذار؟ عن أي عدوان؟
هل قصفت الرياض مواقع استراتيجية في لبنان؟ أو حاصرت بوارج البحرية السعودية مرفأ بيروت؟ أو شنت القوات الجوية السُعودية هجوماً بالطائرات المسيّرة على تلال سجد؟ أم فجّرت عبوة أمام سفارة لبنانية في الخارج؟ أو رعت حرباً في لبنان؟
ما فعلته السُعودية هو قطع علاقات ديبلوماسية واقتصادية مع لبنان، لسبب رئيس، يتمثّل بهيمنة “حزبُ الله” على الحكومة اللبنانية وهجومه غير المنقطع على قادتها، وتهديده لأمنها. وقد أجمع الكلّ على أن القرداحي هو القشة… يبقى أن نتعرّف إلى البعير. بالتأكيد لم تفعل السُعودية ما فعلته للتعمية على إخفاقاتها في مأرب لكن هذا ما اعتقده الشيخ نعيم في تحليله الإخباري.
وأذا كانت الإجراءات السعودية الأخيرة قد أضرّت بالمصالح اللبنانية، فإن الضرر مضاعف، هو ذاك المتأتي من سياسات “الحزب” التي تعرّض الكيان للإهتزاز وتهدد مستقبل البلد وتعزله عن محيطه الطبيعي وتسيء إلى هويته. فكيف تقوم “دولة مستقلة” وعلى أرضها ذراع عسكرية ضخمة أنشأتها إيران توازي بعديدها القوى الأمنية اللبنانية مجتمعة، وتتفوق عليها بالقوة الصاروخية؟ “لدى إيران 6 جيوش لصالحها وتحمل ميولاً عقائدية، وتعيش خارج إيران، ومهمتها الدفاع عن طهران ضد أي هجوم” قال علي غلام رشيد، وأوّل الجيوش الستة، حزب يشغل فيه الشيخ نعيم قاسم موقع نائب الأمين العام. فمن هو؟
شاء الشيخ نعيم أن يتحف مشاهديه على “الإخبارية السورية” بعرض مشوّق ضمّنه سردية “الحزب” لأحداث الطيونة، مستهدفاً القوات اللبنانية، واستنتج رجل المحبة والسلام والإنفتاح والأفق الليبرالي والإستقلالية أن القوات منتج سعودي، وممولة من السعودية و”تعيش على الحرب والفتنة” تُرى لو لم تنسج القوات أي علاقة مع المملكة هل كانت لتكون غير ما هي عليه في السياسة أو في التوجّه السيادي أو في الإختلاف المطلق مع حزبٍ لا ينتمي للدولة في شيء.
لا في توصيف الحال وفّق الشيخ نعيم، ولا في مطالبته السعودية بالإعتذار عن العدوان. أما وقد خرجت السعودية من لبنان بدعاء الحزب وبفضل سياسته الحكيمة فبماذا يعد العارف بكل أمر والراصد لكل تحوّل، المصدّرين اللبنانيين؟
هل ستكون متاجر ايران وكوريا الشمالية والصين أسواقنا البديلة؟ فنقايض التفاح بالبترول والكزبرة بالإلكترونيات والليرة بالتومان؟
وماذا يطلب الشيخ نعيم من نجيب ميقاتي بعد عدوانه على جورج قرداحي؟