IMLebanon

نعيم قاسم وجغرافية الخميني

لا جديد فيما قاله بالأمس نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، فقوله انّ «المقاومة ليس لها أي حدود جغرافية»، ليس من بنات أفكاره، ولا من بنات أفكار حزبه، بل هي ذهنيّة حكمت إيران منذ مجيء الخميني وسعيه إلى إشعال المنطقة وإشغالها بالحروب الدائمة، بل هذه الحروب وجغرافيتها «عقيدة» في المهدويّة الإيرانيّة فإشعال الحروب في العالم سيُعجّل بظهور «المهدي الإيراني»، لذا؛ لا يُفاجئنا كلام نعيم قاسم، «هذه شَنْشنةٌ نعرفها» منذ الخميني وقبل ما بات يقارب العقود الأربعة من الزّمن.

ففي «وصايا» الخميني الذي سبق ولخّص أحلامه بأن يرفرف علمه فوق عمّان والرياض ودمشق والقاهرة والكويت، ففي الأول من آب العام 1983 احتلت صورة الخميني مشطورة إلى نصفين يربط بينهما هذا العنوان: «هذه وصيتي عندما تنتهي الحرب مع العراق علينا أن نبدأ حرباً أخرى»، هذا النوع من العقائد الفاشيّة أو النازيّة وإن ادّعت الإسلام، لا تعيش إلا على الحروب، وليس هناك ما يبرّر حكمها بالحديد والنار لشعوبها ولا استمرارها إلا إشعال الحروب تحت مسميات مختلفة لتضمن بقاء حكمها ولتخنق أي صوت مناهض لها، هذه عقيدة إيران وحرسها الثوري ومرشديها «المقدّسيْن» و»مهديّها المنتظر»، وهذه عقيدة نعيم قاسم وحزبه ومن يرسلونهم إلى الموت بأدمغة ميتة بفعل الخرافات التي احتلت عقولهم، ثمّ ألم يسبق أن منح الخميني صكوكاً ومفاتيح للجنّة لكثيرين كان يرسلهم إلى الموت منذ العام 1980، ولاحقاً منذ أطلق ظاهرة الانتحاريين بالسيارات المفخّخة، أليس حزب الله برعاية الخميني من أطلق ظاهرة «الانتحاريين» قبل «داعش» مطلقاً عليها مصطلح «الإستشهاديّين»، فعن أيّ إرهاب تكفيري يحدّثنا نعيم قاسم؟!

من سمع الشيخ نعيم يقول بالأمس: «اننا سننتقم، وغدا رب العالمين أيضا ينتقم، فالله كلفنا أن ننتقم قبل أن ينتقم»، يُدرك أنّنا في مواجهة عقليّة عقيمة «لا بتنحلب ولا بتنجلب»، وإذا كان نعيم قاسم هو المنظّر كتابة «للوليّ المرشد المجدّد» علي الخامنئي فعلينا أن نفهم أننا نتعامل مع عقول متبلّدة اتخذت من سياسة المصالح الإيرانية عقيدة تخدع بها الناس، وهنا علينا أن نذكّر ببدايات حزب الله المغلّفة بخداع بيئته عندما كان يستقطب الشبان دون سن الثامنة عشرة وما فوقها ويرسلهم إلى الموت بسيارات مفخخة بدعوى مقاومة إسرائيل في ثمانينات القرن الماضي، ثمّ اضطرّ لاحقاً وبعد هياج هذه البيئة على اختطافه لأبنائها أن يدفع ثمن كلّ قتيل لعائلته لإسكات من يجب إسكاته، فكان أسوأ من تاجر بالرجال والشبان والأطفال، خالقاً منظومة مغلقة لبيئة للموت فيها لائحة أسعار، وهو أمر لم نشهده حتى في عزّ الحرب الأهليّة اللبنانيّة!!

في وصيته التي نشرتها مجلة الدستور يقول الخميني: «أعرف أن هذا الجيل سوف يفتح أبوابَ العالم؛ كي يستقرَّ معنا في أرجاء المعمورة، ولأنَّنا نحتاج إلى الحرب لتطهير مجتمعنا، حتى لو انتهت الحرب مع العراق علينا أن نبدأ حرباً أخرى في مكان آخر… كنت أحلم أن يعطيني الله – عز وجل – عمرًا كافيًا؛ لكي أشاهد علَمنا يرفرف على مشارِف بغداد وعمان، وأنقرة والرياض، ودمشق والقاهرة، والكويت ومسقط حتى كابول وكراتشي»، والحمد لله الذي لم يعطِ الخميني عمراً ليرى حلمه يتحقّق، والحمد لله الذي كسر شوكة إيران في المنطقة وتلاشت فيها أحلام الخميني وخامنئي وأدواتهم حيثما كانوا من الحوثيين إلى حزب الله برغم أنف نعيم قاسم و»جغرافية» حزبه!!