في دورة العام 1996 أقدمتُ كناخب بيروتي على شطب اسم أحد مرشّحي الروم الأرثوذكس (بشارة مرهج) على لائحة الرئيس رفيق الحريري وأكملت اللائحة بنجاح واكيم، لا لقناعتي بخط واكيم الناصري (القريب من خط مرهج) ولا لدوره التشريعي الرائد طوال 24 عاماً، بل لأنه ظاهرة إعتراضية تضفي بعض الحيوية على المشهد البرلماني وأعتقد أنني كنت على خطأ.
فواكيم ليس سوى ظاهرة “شعبوية” تمتلك خطاباً خشبياً مكروراً ينقصه عمق التحليل وقوة الحجة، ومعروف أن واكيم جاهز أن يتبنّى ما يُزوّد به من “معلومات” من دون أن يتحقق من صدقيتها طالما أنها تنال من “الحريرية” ومن “السُعودية” ومن “الخليج” ومن “أميركا” ومن “الغرب” ومن فؤاد عبد الباسط السنيورة. ربي وإلهي كم يكرهه. يعيش واكيم في زمن “وديع حداد” وزمن الرئيس الخالد والأرجح أنه واقف على أطلال رجال وقبور ومتطلع بإجلال إلى أنظمة تعسف وإجرام، ونظام البعث السوري نموذج باب أول.
ترك “الصبي المشاكس” مجلس النواب ولم يعد، أسس حركة الشعب التي خاضت الإنتخابات وفشلت بإيصال أي من مرشحيها، وجميعهم يفتقدون إلى طلة الأستاذ نجاح وطلاقته في هجاء أي قرار سيادي وشتم أي حليف حقيقي للبنان.
ترك “السياسة” وانصرف إلى إطلاق”كيانات جبهوية” معادية للأمبريالية ينتهي دورها مع البيان التأسيسي. وحافظ واكيم طوال أعوام تحوّله إلى موجّه للأمة، على تواصل مع جمهوره على “تويتر”. يطربه الإطراء. يتجاهل الرأي الآخر (بعكس اللواء جميل السيد يا للمفارقة!) وفي تغريدات واكيم شحنات من الكراهية والنزق والخفة كأن يتهم مثلاً السُعودية بالإفادة المالية من الخزينة اللبنانية…
“يقولون إن السعودية صاحبة أيادٍ بيضاء على لبنان. غير صحيح. كل ما قدمته للبنان من 1990 إلى اليوم وديعة بمليار دولار. ماذا أخذت منا؟ نصف فوائد الدين العام، حوالى 40 مليار دولار استحوذ عليها سعوديون ودفعها اللبنانيون. “جوعان يأكل من زادي ويمسكني” كتب ذات يوم.
إذا أخذ أي عاقل التغريدة كمعطى رقمي سيضحك. وإذا أخذها كنكتة سيبكي. وقبل هضم التغريدة السعودية أطلع من مخزونه الأخلاقي هذه:
“أتوجه بالتهنئة الحارة الى أصحاب السمو، المشايخ والأمراء، في امبراطوريتي الامارات العربية المتحدة والبحرين لنيلهم بجدارة رتبة… كلب” ثم عاد بعد لوم لائمين ليعتذر، بتغريدة جديدة، من الكلب”.
يكسب العمر الإنسان نضجاً، لكن يبدو أن ابن الرابعة والسبعين يعيش من جديد مراهقة الشارع لا بل انه يبهر بأدائه ونبرة صدقه نجوم الصف الأول، فقبل جريمة 4 آب قرأت لنجمة الإستعراض اللبنانية ـ المصرية كارول سماحة تغريدة تعتبر فيها أن “نجاح واكيم من أهم سياسيي لبنان، واللي أبعدوهم ونفيوهم” وخيّل إلي أن العزيزة كارول فكرت بـ”حدا وكتبت عن حدا تاني” وجلّ من لا يخطئ!