قد يكون السؤال الرئيسي المطروح اليوم يتركز في اليوم التالي على جبهة الجنوب، في ضوء تنفيذ “حزب الله” رده على اعتداء إسرائيل على الضاحية الجنوبية واغتيالها القيادي فؤاد شكر منذ أربعين يوماً. وفي قراءة أولية للمشهد الجنوبي ولأحداث الساعات الـ 24 الأخيرة، يجد المحلّل الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، أن “الفريقين قد حقّقا أهدافهما في الرد والرد على الرد، وخاطبا جمهورهما وأعلنا أنهما قد وصلا إلى أهدافهما، بعد تنفيذ العمليات العسكرية أخيراً، وذلك لجهة إنجاز الردّ الأولي من حزب الله”.
وعن الردود المرتقبة في سياق المرحلة المقبلة، يرى العميد ملاعب في حديثٍ لـ”الديار”، أن “تحديد اليوم التالي على الجبهة الجنوبية، يبقى بانتظار ما ستكون عليه خطوة إسرائيل المقبلة، حيث أن الأمور مرهونة اليوم بما ستُقدم عليه من ردة فعل، ذلك أنه في حال صعّدت من الإعتداءات فإن هذا سوف يُعتبر كردٍّ أولي، وعندها سوف تستمر الردود”.
ومن ضمن هذا السياق، يقول العميد ملاعب إنه “إذا أعلنت إسرائيل أنها أنهت العملية الإستباقية وفتحت مطار بن غوريون، فعندها يكون نتنياهو قد خاطب جمهوره بأن ما حصل قد انتهى عند هذا الحد، خصوصاً وأنه من المعلوم أنه عندما تعلن إسرائيل أن الكرة في الملعب الآخر، فهذا يؤشر إلى أنها لا تريد التصعيد حالياً، أي أن الموضوع بزمانه ومكانه قد انتهى عند هذا الإعلان من قبل الفريقين”.
وعن واقع المواجهات ووتيرة التصعيد، يتوقع ملاعب أن “ما قاله السيد نصرالله سابقاً حول الرد بالعنف والحكمة قد تحقق، إذ أن الحزب استخدم الحكمة في رده بعدم استهداف مدنيين، ولكن العنف برز عبر تنفيذه هذا الرد ونجاحه بمهمته، كما أنه أرفقها برسائل تهديد للإسرائيلي بأنه جاهز في حال وسّعت إسرائيل من عدوانها”.
إلاّ أن العميد ملاعب لا يُخفي الخشية من أن “القرار اليوم لم يعد بيد إسرائيل، بل أصبح بيد من يدعمها بكل الوسائل وهو واشنطن، التي أحضرت رئيس أركانها إلى المنطقة منذ يومين واتصل وزير دفاعها بوزير الدفاع الإسرائيلي، ما يؤكد أن القرار لم يعد إسرائيلياً فقط بل بات إسرائيلياً – أميركياً، حتى إذا عدنا إلى تصريح الرئيس جو بايدن عندما زار إسرائيل وقال إنه لن يبقي إسرائيل مستقبلاً تحت التهديد، فإن هذا الموقف سينعكس على جبهة لبنان تحديداً بمعنى أن التهديد لن يكون من غزة حيث هناك مفاوضات ومماطلة ووساطات، ولكن المقصود بالتهديد هو جنوب لبنان”.
وحول هذا “التهديد”، يقول العميد ملاعب، “إن التركيز يبقى على التعامل مع هذا الأمر، فقد أعلن غالانت أن إسرائيل أفسحت المجال للديبلوماسية ولكن هذا التهديد يجب أن ينتهي، أي أنه إن لم تنجح الديبلوماسية فستقوم إسرائيل بإنهاء هذا التهديد عسكريا،ً ما يزيد المخاوف من أن يكون خلال فترة ما تبقى لبايدن في السلطة، أن يتواصل الدعم الأميركي، ولكن من دون أن يكون واضحاً ما إذا كان نتنياهو أو بايدن سيورث لمن سيأتي بعده، هذا الإعتماد على القوة لمواجهة أي تهديد”.
وعن كيفية مواجهة هذا التهديد، يرى العميد ملاعب أن “ما يمنع الإسرائيلي والأميركي هو أن يدرس الطرفان نتائج هذه الحرب، إذ قد يكون صحيحاً أن لدى الطرفين الإسرائيلي والأميركي، القدرة على تدمير جنوب لبنان كما دمرا غزة، وإنما مقابل ذلك سيكون تدمير في إسرائيل، وتدمير مؤلم، وهذا ما تتم مناقشته حالياً”.
فالسؤال المطروح اليوم هو وفق ملاعب يتناول “منافع هذه الحرب إذا حصلت وتدمير متبادل، لذلك، وطالما أن هذا التدمير سينقل إلى الفريق الآخر، لا أعتقد أن الإسرائيلي سوف يقدم مهما كان مدعوماً أميركياً، على خوض حرب نتائجها معدومة، بل تدمير وتدمير فقط”.