Site icon IMLebanon

ما بعد عودة ميقاتي من لندن ونيويورك غير ما قبله

 

 

ترك لقاء الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي برئيس الجمهورية ميشال عون، تساؤلات حول مغزى الكلام الذي قاله ميقاتي، ومفاده بأنه فور عودته من الخارج سيبقى في بعبدا حتى تشكيل الحكومة، في حين أن الذين التقوه منذ أيام قليلة جزموا بأنه ليس في الأفق من حكومة جديدة في ما تبقّى لرئيس الجمهورية من أسابيع قليلة في قصر بعبدا، وعليه يعزون موقف ميقاتي، لإدراكه بأن أي تشكيلة حكومية سيرفعها إلى الرئيس عون سيتم رفضها من قبل رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، لأن ميقاتي عازم كلياً أن لا يلتقي أو يتحاور مع باسيل ويتشاور معه بالوضع الحكومي، ومن هي الأسماء التي ستدخل إلى هذه الحكومة، بمعنى أن التشكيلة التي سيقدّمها ميقاتي، قد تكون كتلك التي رفضها عون والتي تضم 24 وزيراً.

 

لذلك تقول مصادر مقربة من ميقاتي، ان ميقاتي سيُحرج الرئيس عون وباسيل، ليستدلّ في نهاية الأمر بان الحكومة الحالية هي التي ستبقى، ويتم تعويمها في المجلس النيابي بعد إجراء تعديل طفيف سيطرأ عليها، وربما تبقى دون أي تعديل في حال بقي الخلاف قائماً، ما يؤكد بأن الرئيس المكلّف الذي سيغادر إلى لندن ونيويورك، يدرك سلفاً أنه ليس في قدرة أي طرف أن يحسم أي خيار أو معطى سياسي ودستوري قبل معرفة موقف الدول الخارجية، لا سيما المعنية بالملف اللبناني، وعندها يبنى على الشيء مقتضاه.

 

وبناء على هذه الأجواء، فان ميقاتي يعوِّل على الإتصالات التي سيجريها في لندن، تضيف المصادر نفسها ، على هامش تشييع الملكة إليزابيت مع كبار المسؤولين في العالم، حيث قد يلتقي معظمهم، بينما التعويل الأهم يكمن في مشاركته في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وعندها بإمكانه تلمّس مواقف المسؤولين الأميركيين والأوروبيين ومعظم العواصم الغربية والعربية المعنية بالملف اللبناني، بمعنى مواقفهم من الإستحقاق الرئاسي، وما إذا كان هناك من تسوية دولية أم ماذا؟ لذلك، فإن الوضع حالياً على مستوى الساحة الداخلية هو في مرحلة ترقّب وانتظار وتقطيع الوقت والمساجلات وتسجيل المواقف السياسية والشعبوية، في حين أن الحسم على المستويين الحكومي والرئاسي، يحتاج إلى دور كبير لعواصم القرار الغربية والعربية وسواهم، باعتبار أن الأمور وصلت في لبنان إلى مرحلة الإنهيار الشامل والدخول في الفوضى، لذا، فإن جميع القوى السياسية تسعى لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية في الموعد الدستوري المحدّد، وهذا ما يعوِّل عليه ميقاتي خلال لقاءاته في نيويورك.

 

وفي هذا السياق، علم أن مواعيد عدة تحدّدت لميقاتي مع أكثر من شخصية غربية وعربية لتبيان مسار الإستحقاق الرئاسي في لبنان، ولا سيما موقف الإدارة الأميركية التي لم تقل كلمتها بعد حتى الآن، بعدما بات الملف اللبناني في عهدة فرنسا وبتفويض أميركي وأوروبي، في حين يبقى للأميركيين نظرتهم وموقفهم، خصوصاً وأن الخيار الأخير يبقى في عهدتهم، لذا، فالأمور متروكة إلى أوقاتها، وفي هذه الحال، فإن الساحة المحلية ستكون، وفي هذا الوقت الضائع وارتفاع منسوب التطورات الدولية والإقليمية، عرضة لكل الإحتمالات، حيث الخوف والقلق هما الطاغيان ربطاً بالتدهور المريب للأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، ومن شأن ذلك، أن يعيد خلط الأوراق برمّتها، بما في ذلك الإستحقاق الرئاسي.

 

يبقى، وعَود على بدء، أن ما قاله ميقاتي في قصر بعبدا لا يمكن التعويل عليه كخيار حاسم، إنما أتى في إطار ضبط إيقاع الوضع، والحؤول دون التدهور المالي والإقتصادي، بحيث أنه، وبعد عودته من الخارج، فإن أموراً كثيرة قد تكون تبدّلت في الداخل وعلى المستوى الدولي أيضاً.