IMLebanon

الرئيس ميقاتي.. آخر رؤساء الحكومات

 

شاءت الاقدار ان اتواجد في مكتب دولة الرئيس فواد السنيورة عشية الشغور الرئاسي الاول وبحضور الوزير خالد قباني والوزير طارق متري والنائب نسيب لحود وامين عام مجلس الوزراء القاضي سهيل بوجي والدكتور رضوان السيد وآخرين، وكان البحث يدور حول مضمون بيان رئاسة الحكومة عن عملية انتقال السلطة والشغور الرئاسي، والملفت كان هو اصرار الرئيس السنيورة على اعتبار ان هذه المهمة قاهرة وغير محببة لانها تأتي نتيجة خلل في ادارة الانتظام العام وعدم احترام المواعيد الدستورية لانتخاب الرؤساء، وجميع اللبنانيين يعلمون ما تعرضت له حكومة الرئيس السنيورة والشغور الأول من الحكومة البتراء الى الطعن بشرعية قراراتها المالية الى احداث ٧ ايار الى حوار الدوحة وانتخاب قائد الجيش ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.

شكل الرئيس تمام سلام حكومته بعد خروج الرئيس سعد الحريري من المحكمة الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري وبعد توجيه الاتهام المباشر للجناة ليعلن عن سياسة اليد الممدودة ، مما ساعد الرئيس تمام سلام على تشكيل حكومته الأولى بعد ما يقارب العام من التكليف، ومع دخول الحكومة مرحلة الشغور الثاني ذهب الرئيس تمام سلام الى الاصرار على التنسيق والحوار الايجابي مع كافة الفرقاء من اجل تسيير امور البلاد رغم الاستقالات المبهة من حكومته، واستمرت حكومة الرئيس سلام بالقيام بمهامها رغم عمليات الابتزاز خلال اطول ادارة شغور رئاسي حتى انتخاب الرئيس ميشال عون .

حكومات الرئيس نجيب ميقاتي الثلاث تميزت بالصفة الانتقالية الحادة، فالحكومة الاولى كانت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري والذي ادى الى تشكيل واقع سياسي جديد وتحالفات هجينة وخروج القوات السورية من لبنان بما يشبه خروج منظمة التحرير الفلسطينية واغتيال الرئيس بشير الجميل بعد الاحتلال الاسرائيلي ، ونجح الرئيس نجيب ميقاتي عبر حكومته الاولى المصغرة من غير السياسيين والمرشحين من تدوير زوايا الواقع السياسي الجديد البالغ الحدة والتناقض ، وحكومة الرئيس ميقاتي الثانية جاءت مع بداية تحولات الربيع العربي من تونس الى مصر وسوريا واليمن وتأثيراتها المباشرة حتى الان على لبنان.

جاء تكليف الرئيس ميقاتي بتشكيل حكومته الانتقالية الثالثة بعد تعطيل حكومي دام اكثر من عام على اثر تفجير ٤ آب وكانت المهمة الاولى التحضير لاجراء انتخابات نيابية في ظل التداعي والانهيارات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والتحولات الدولية الاقليمية، وجاءت نتائج الانتخابات النيابية بمثابة اختبار لما هو قادم من هشاشة وتصدعات سياسية شاهدنا اولى تجلياتها عبر الاستشارات النيابية الملزمة والتي تم بنتيجتها تكليف الرئيس ميقاتي رغم عدم تسميته من اكبر كتلتين معنيتين بالخصوصية الرئاسية الطائفية مما قد يعني قناعتهما بعدم انتخاب رئيس جمهورية وعدم تشكيل حكومة.

تشهد بيئة رئاسة الحكومة التقليدية كثافة في الدراسات والابحاث الدستورية حول حكومة تصريف الاعمال بعد تعاظم احتمال الدخول في مرحلة شغور رئاسي، والمعروف عن الرئيس ميقاتي انه يتقن الاصغاء الى حد حفظ ما يسمعه بدقة متناهية، ولا بد من التذكير بان المكونات تعود الى الاعراف وليس الى الدستور، فالميثاقية الطائفية في حكومة الشغور الاول تحولت الى مذهبية وفي حكومة الشغور الثاني اصبح كل وزير رئيس جمهورية وبات من المؤكد ان موقع رئاسة الحكومة سيكون الهدف الاول في مرحلة الشغور الثالث وقد يكون الرئيس ميقاتي آخر رؤساء الحكومات على اساس وثيقة الوفاق الوطني الدستورية.