ستمضي الاستشارات النيابيّة وسيُكلّف الرّئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة ـ إن سمح له العهد وصهره أن يُشكّل فعلاً حكومة ـ ولكنّ ما يحدث مجرّد تقاذف لكرة تُهمة التعطيل، لا نادي رؤساء الحكومات ومن وراءه الرئيس سعد الحريري وكتلة المستقبل على استعداد لتحمّل تُهمة تعطيل تسمية رئيس حكومة بعدما عطّل العهد وصهره تشكيل حكومة على مدى تسعة أشهر، وتيّار العهد يُعيد الكرّة بالنيابة عن تكرار سابقة مخاطبة نواب البرلمان شبه راجياً أن لا يسمّوا سعد الحريري لتشكيل الحكومة، ليس خافياً وليس سرّاً أن صهر العهد جبران باسيل لا يريد نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة، هو يريد «عيّنة» أخرى من حسّان دياب، ليحكم ويتحكّم بالحكومة ووزاراتها وبكل مفاصل البلد ومقدّراته وليتمكّن العهد من النوم «ملو العين»!!
نحن أمام تكرار المأساة الطويلة التي عاشها الشعب اللبناني على مدار أشهر تسعة من هدر الوقت والاقتصاد وإفلاس البلد ومراكمة أزمات أقلّ ما توصف به بأنها مجرمة بحقّ الشعب اللبناني من طبابة ودواء وكهرباء وماء وإذلال ممنهج، يبدو أنّنا ذاهبون إلى ما هو أسوأ منه بعد، والتفاتة فقط على التحذيرات التي يطلقها الملك الأردني عبدالله الثاني بشأن لبنان والتي كان آخرها تساؤله يوم أمس الأحد «أتساءل عمّا يمكن أن يفعله المجتمع الدوليّ عندما تصل الأزمة في لبنان إلى أسوأ حالاتها»، المخيف في هذا التساؤل أن هناك الأسوأ في حالات الأزمة اللبنانيّة، فماذا سيُفعل بنا بعد هذا العهد وصهره؟!
فائض الصبر اللبناني هذا على مناورات ادّعاء تشكيل حكومة وستبقى معه الأمور متروكة لرئيس الظلّ جبران باسيل إلى أن يبلغ الوضع في لبنان أسفل سافلين، هذا الاحتراق الوطني يجب أن يوضع له حدّ، أحياناً يكون الإنقاذ الوطني ليس بمنع حالة الغرق، بل بترك البلد المهترئ يغرق، عمليّاً لا تستطيع أن تنقذ أحداً بالإكراه، فريق العهد مستمتع بهذا الغرق وهو لا يمانع ـ بحسب تجربتيْن سابقتيْن في عامي 1989 و1990- أن يترك البلاد خراباً ويدير ظهره ويكون ضميره مرتاحاً أيضاً ـ أن يغرق البلد عن بكرة أبيه، وقد يكون هذا هو الحلّ الوحيد لإنقاذ لبنان وشعبه من «جهنّم» اليومية التي يحترق فيها!
نحن في زمن يظنّ فيه باسيل أنّه الحاكم النّاهي بقدرة عمّه، مع أنّ صلاحيته سياسياً تنتهي مع خروج حماه من قصر بعبدا، وبفضل أمثال باسيل أصبح لبنان تماماً ونهائيّاً في قبضة أمين عام حزب الله حسن نصرالله الذي باع لبنان ومصلحته ورماه في التهلكة، وبسببه سيستمرّ لبنان يدفع أثماناً باهظة لأنّه مختطف من قبل حزب الله «رهينة» مفاوضات من أجل المصلحة الإيرانية ومهما كان الثمن!
ونحن أيضاً في مرحلة حياة أو موت، وهناك في الظلّ من يريد أن يظلّ ممسكاً بزمام الصلاحيات حتى لو كلّف الأمر ذهاب لبنان إلى قعر جهنّم! هناك من لم يعد يخفي رغبته الشديدة بتغيير الدّستور وإعادة الزمن إلى الوراء، إلى ما قبل الطائف، هذا أمر يحلم الصهر المدلّل أن يفعله في عهد عمّه ليصبح حلمه بالقبض على الرئاسة بعد أن يرث عمّه أمراً واقعاً من دون أن يستطيع أحد إيقافه!!