…وانعقدت جلسة مجلس الوزراء، وتأمّن النصاب، ولكن ومن خلال ما تشير إليه جهات سياسية فاعلة، فإن المرحلة الحالية باتت شبيهةً إلى حدّ كبير بكلّ ما واكب مرحلة ما بعد العام 2005 بصلة، لا سيما في ظل الإنقسام العامودي في مجلس الوزراء، أثناء حكومتي كلّ من الرئيسين السابقين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، وهذا ما سيكون له تأثيره السلبي على مسار الإستحقاق الرئاسي.
المواقف المقاطعة يصنّفها البعض في خانة الشعبوية، ولكنها تولّد منحىً طائفياً، من شأنه أن يغرق البلد في أزمات إضافية، وذلك بات أمراً واقعاً، إذ يُرتقب وبفعل المعلومات المسرّبة، أن يرتفع منسوب التصعيد السياسي، وقد انطلقت مؤشراته ومعالمه خلال الساعات الماضية من خلال بعض المواقف لقيادات في «التيار الوطني الحر» حول إقدامهم على خطوات تصعيدية كردٍّ على انعقاد جلسة مجلس الوزراء، وعدم القبول بالأسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية، وأي حلول لا تحظى بموافقتهم، ما يعني أن هناك شيئاً شبيهاً إلى حدّ كبير بحقبة الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، عندما كان رئيساً للحكومة العسكرية في أواخر الثمانينات، الأمر الذي يسلكه أيضاً رئيس «التيار الوطني» النائب جبران باسيل سياسياً ، وحيث سيكون له موقف خلال الساعات القادمة، قد يعيد البلد إلى أجواء المؤتمرات الصحافية والتجاذبات والسجالات، وسط مخاوف من أن يكون هذا الوقت الضائع للإستثمار السياسي والشعبوي، ولكنه يرتدّ سلباً على حركة الأعياد التجارية والإقتصادية.
وفي هذا الإطار، تشير المعلومات إلى أن الدول المعنية بالشأن اللبناني، تعمل على تجنّب أي منزلقات سياسية جديدة، من شأنها أن تأخذ البلد إلى الهاوية وتغرقه أكثر، نتيجة التصعيد والإنقسام والشحن الطائفي لدواعٍ ومكاسب سياسية وآنية. وهنا تكشف مصادر مواكبة، بأن هذه الدول وفي طليعتها باريس ، المعنية أكثر من سواها بالملف اللبناني، تؤيّد انعقاد مجلس الوزراء لدواع إنسانية واجتماعية، ولا ضير بانعقاده ربطاً بما يعانيه هذا البلد من أزمات خطيرة، ولا يعتبر ذلك انتهاكاً للدستور أو تحدياً لأي طائفة أو مكوّن سياسي، طالما ووفق الخبراء الدستوريين والملمين بالقانون، فإن الجلسات المذكورة هي ضمن نطاقها المحصور بمتابعة شؤون الناس، وليس هناك من تعيينات وقرارات تمسّ موقع رئاسة الجمهورية أو الدستور، بمعنى أن هناك غطاءً دولياً لمعاودة مجلس الوزراء للإنعقاد، لا بل هناك ارتياح لمعظم السفراء المعتمدين في لبنان ، بحسب ما يُنقل عنهم، لأن ذلك يؤمّن انتظام الحياة السياسية والعمل الحكومي، ويخفّف من الإنحدار الإقتصادي والمالي، ويسيّر شؤون البلد وفي الوقت عينه يفتح الآفاق أمام انتخاب الرئيس في ظل انتظام عمل المؤسسات على اختلافها.
وفي موازاة ذلك، تتحدث المصادر نفسها، عن اتصالات تجري مع جهات ومرجعيات سياسية وروحية لوقف التصعيد والسجالات، وعدم إقحام البلد في أمورٍ من شأنها أن تنسحب على الشارع، إذا تفاقمت الأوضاع مع تنامي الخطاب الطائفي والتجييش والتصعيد. وتنقل المصادر في هذا الإطار عن بكركي، بأن البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي تلقى اتصالاً من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يوم السبت المنصرم، وُضع أيضاً من قبل أحد مستشاريه وهو وزير سابق، في صورة ما يقوم به ميقاتي، مؤكداً له بأنه سيزوره في وقت قريب، وهو متضامن مع مواقف بكركي، لا سيّما تلك الداعية لانتخاب رئيس اليوم قبل الغد.