زلزال تركيا فرض “حالة الطوارىء” في السراي الحكومي والاجتماعات ستتوالى دورياً –
أتى الزلزال الضخم بدرجة 7.8 على مقياس ريختر الذي ضرب جنوب تركيا الثالثة و20 دقيقة من فجر الاثنين في 6 شباط الجاري وامتدت ارتداداته الى سائر دول المنطقة ومن ضمنها لبنان نفسه، ليفرض صفة “حالة الطوارىء” على الجلسة الثالثة لمجلس الوزراء التي عُقدت صباح الاثنين لمناقشة الملف التربوي وبنود أخرى. وإذ أقرّ مجلس الوزراء أغلب البنود المرتبطة بالقطاع التربوي والتعليمي وبمطالب الأساتذة، فضلاً عن فتح اعتمادات لدعم القمح بقيمة 8 مليون دولار، وإعطاء سلفة خزينة لتسعير أدوية السرطان على سعر صرف 1500 ل. ل.، إلّا أنّه لم يُقرّ بند دفع لبنان مبلغ المساهمة في الأمم المتحدة والذي يبلغ أقلّ من مليوني دولار.
أمّا “صفة الطوارىء” فهيمنت على جلسة الحكومة، إذ استحوذ الاجتماع الطارىء الذي ترأسه ميقاتي لهيئة إدارة الكوارث والأزمات التابعة لرئاسة الحكومة في السراي لمتابعة الإجراءات المتعلّقة بالهزّة الأرضية التي ضربت لبنان بفعل الزلزال الذي شهدته تركيا وسوريا، على جزء منها. وقد أعطى ميقاتي التوجيهات اللازمة في ما يتعلّق بمواكبة كلّ ما يحصل وتزويد المواطنين بالإجراءات والتوجيهات المناسبة منعاً لحصول أي هلع والإستعداد لأي طارىء، والكشف الوقائي على المباني والمنشآت التي أصيبت بأضرار جراء الهزّة. كما تقرّر إجراء مسح شامل للأبنية المتصدّعة تحسّباً من أي تردّدات جديدة. وجرى تكليف وزير البئية ناصر ياسين الإتصال بالسلطات التركية للتعاون معها في مجال الإغاثة، ووزير الأشغال العامّة والنقل علي حميّة الإتصال بالمسؤولين في سوريا لعرض تقديم أي مساعدة مطلوبة. وتوجّه على إثر هذا التكليف، فريق من الخبراء والمتخصّصين، ضمّ نحو 30 عنصراً من فوج الهندسة في الجيش والدفاع المدني والصليب الأحمر الى أضنا/تركيا للمساعدة في عمليات الإغاثة والإنقاذ بناء على طلب تركيا التي طلبت العون من لبنان.
وتقول مصادر سياسية مطّلعة انّ عقد الجلسة الثالثة لمجلس الوزراء كان مقرّراً منذ السبت، وقد فرض الزلزال الضخم الذي ضرب جنوب تركيا فجر الاثنين اجتماعاً طارئاً لهيئة إدارة الكوارث لمواكبة تداعيات الهزّة الأرضية. وإذ حضر الجلسة 16 وزيراً من ضمنهم ميقاتي، تغيّب عنها وزير السياحة وليد نصّار بداعي السفر ووزراء “التيّار الوطني الحرّ” الذين لا يزالون متمسّكين بمقاطعة جلسات الحكومة الوزراء، لأنها “غير ميثاقية” و”غير دستورية” من وجهة نظرهم، وتتجاوز المكوّن المسيحي، وينتظرون بالتالي قرار الطعن المقدّم لدى مجلس شورى الدولة الذي له أن يُقرّر إذا ما كانت الجلسات الحكومية شرعية أم غير شرعية، دستورية أو غير دستورية وتضرب بمكّون سياسي عرض الحائط أم لا. في الوقت الذي يصرّ فيه ميقاتي على تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، لا سيما في هذه المرحلة الراهنة التي يبدو فيها “أنّ الشغور الحالي لا أفق واضحاً لإنهائه بعد، وها نحن بدأنا الشهر الرابع من شغور في منصب رئيس الجمهورية، يتزامن مع واقع مالي واقتصادي واجتماعي في غاية الخطورة”، على ما قال بداية الجلسة. وأضاف: “لا نتحدى أحداً ولا نصادر صلاحيات أحد، بل نلتزم بأحكام الدستور وروحيته، وسنستمر في مهامنا بروح التعاون الإيجابي مع الجميع”، مجدّداً دعوته الى جميع الوزراء للعودة الى المشاركة في الجلسات الحكومية، كلما إقتضت الحاجة لعقدها.
من هنا، أكّدت المصادر نفسها، أنّه بعد الجلسة الثالثة، يتجه ميقاتي الى الدعوة دورياً لاجتماع الحكومة، من دون انتظار “الضرورات”، بعد أن وصف الوضع ككلّ في البلاد بالطارىء، ما يستدعي عقد جلسات متلاحقة للحكومة واتخاذ القرارات المناسبة بشأن بعض الأمور الملحّة، من دون الدخول في سجالات “شرعية أو عدم شرعية هذه الجلسات الحكومية”. فإذا لم يجتمع مجلس الوزراء ويقوم بواجبه الوطني، فإنّ البلد سيكون أمام مراكمة الخسائر، في الوقت الذي يُطلب فيه من الوزراء تقليل الخسائر على لبنان وشعبه بأكبر قدر ممكن. فميقاتي لا يفرض بنود جدول الأعمال على الوزراء فرضاً، بل يعرضه عليهم، وأي بند لا يجده البعض ملحّاً أو يُشكّل تحدياً لأي طرف كان، لا يتوانى عن حذفه من الجدول.
وبرأيها، إنّ ميقاتي لا يتحدّى أحداً، على ما أعلن، وليس بصدد الإستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية، والدليل أنّه إذا جرى انتخاب رئيس الجمهورية اليوم أو غداً، فإنّ الجلسات الحكومية ستتوقّف تلقائياً. في حين أنّ الوضع الإقتصادي والمالي والطارىء الأخير في البلد بعد الهزّة الأرضية، يقتضي من الوزراء أن يتصرّفوا بحسّ المسؤولية ويُشاركوا في الجلسات الحكومية لحلحلة بعض الأمور الضرورية. ويبدو أنّ الأمور تتجه الى عقد جلسة حكومية أسبوعية، بحسب ما تقتضيه الحاجة، على أن تُخصّص الجلسة المقبلة لموظّفي القطاع العام.
وفيما يتعلّق بمشاركة وزيري “حزب الله” في الجلسات الحكومية، تجد المصادر نفسها أنّ موقف الحزب بات واضحاً، فهو يريد “تسيير أمور الناس”، ولا يعتبر أنّ مشاركته في مجلس الوزراء ستفجّر العلاقة بينه وبين “التيّار الوطني الحرّ”، خصوصاً بعد الإجتماع الأخير لوفد من “حزب الله” برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد برئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الرابية، والإتفاق على “تكريس تفاهم مار مخايل وتعزيزه” الذي أنهى الإثنين سنته الـ 17. فكلّ من الحزبين يعلم اليوم أهمية هذا التفاهم، ولن يُفرط به لأنّ كلفته ستكون أكبر بكثير من الحفاظ عليه.
وترى بأنّ الحلّ الوحيد أمام حزب الوزراء المقاطعين للجلسات الحكومية، والذين يخشون من “تعويم” حكومة تصريف الأعمال، هو الذهاب سريعاً الى انتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثمّ العمل على تشكيل حكومة إنقاذية تكون قادرة على معالجة الأزمات المستشرية في البلاد، وتحقيق الإصلاحات الهيكلية المطلوبة.