IMLebanon

غاضب ميقاتي لكنّه “صامد”: المعطّلون يتحمّلون مسؤولية الإنهيار

 

في ظل الإنهيار الشامل الذي يرزح البلد تحت وطأته، لم يعد هناك أمل مرجو لمعالجة تراكم العقبات وتقاذف المسؤوليات بين الأطراف السياسية. بلد لم تعد فيه مؤسسات تعمل، لا مجلس نواب ولا رئيس ولا قضاء ولا مؤسسات دستورية. إنّه الحضيض الذي وصلنا إليه في مقابل غياب المبادرات الداخلية منها والخارجية. وحدها حكومة تصريف الأعمال صامدة بمن توفر لتقوم بما تيسّر، وبين الحين والآخر يخرج من يفشي سر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي بات على قاب قوسين من الإعتكاف. وإذا لم يفعل فلا يعني أنّ الفكرة لم تراوده أو أنّه قالها في معرض تحميل كل طرف مسؤولياته.

 

غاضب رئيس الحكومة من الأداء ويعتبر أنّ البعض يبني أمجاداً وبطولات على حساب الدولة ومصلحة الناس. لا تستوقفه الحملات عليه بالشخصي، وتتساءل أوساطه: كيف لفريق سياسي أن يتّهم الحكومة بالتقصير بينما يرفض انعقاد جلسة للحكومة ويمنع الوزراء المحسوبين عليه من المشاركة في اجتماعاتها؟

 

تنفي الأوساط الحكومية أن يكون في نيّة رئيس الحكومة الإعتكاف وتقول إنّ «ميقاتي ملزم دستورياً منذ اليوم الأول بتسيير عجلة الدولة لا سيما في ظل ما بدأنا نراه من تعطيل للعمل النيابي، فتبقى الحكومة هي خط الدفاع الأخير عن كيان الدولة، ولو تم شل عمل الحكومة نهائيا فماذا يتبقى من الدولة خاصة إن تعطل انتخاب الرئيس مدة أطول؟».

 

ترفض الأوساط إتهام الحكومة بالتقصير وتعتبر أنّ الحل لتراكم الأزمات هو حل سياسي بالدرجة الأولى وإن كانت توافق على التوصيف أنّ «الخطوات التي تتخذ تحد من الأزمة لكنها لا تعالجها جذرياً». وتتابع: «الدولار لا ينخفض بقرار حكومي بل يلزمه ورشة إصلاحية شاملة في حال بقيت البلاد بلا رئيس للجمهورية يعطي انتخابه إشارة لإعادة تحريك عجلة البلد، سنكون أمام مزيد من التدهور الذي تتحمل مسؤوليته الأطراف الداخلية التي لا تقوم بواجبها، لا على مستوى انتخاب الرئيس ولا على مستوى تفعيل عمل الحكومة». تكمل المصادر قائلة: «كان كلام الدول الخارجية واضحاً خلال زيارة السفراء إلى السراي بأن لا حل خارج الموضوع الداخلي وإذا لم تقم الأطراف الداخلية بالمطلوب فهي لا تملك ما تفعله لمساعدة لبنان».

 

ترفض الأوساط الحكومية تحميل الحكومة «مسؤولية التعثر مع صندوق النقد لأنها أبرمت الإتفاق الأولي الذي يجب أن يقرن بخطوات إصلاحية في سبيل الوصول الى الإتفاق النهائي. وهذا ليس مسؤولية الحكومة وحدها بل يلزمه ورشة إصلاحية وإذا لم يتعاونوا مع مجلس النواب لإقرار قوانين إصلاحية فكيف تذهب الحكومة الى الإتفاق النهائي؟» وتنفي الحديث عن إنزعاج صندوق النقد من الحكومة «بل من عدم مبادرة الأطراف اللبنانية لإجراء الإصلاحات المطلوبة».

 

ولذا فإن «من يتحمل المسؤولية هي الأطراف التي تعطّل عمل مجلس النواب لإنتخاب الرئيس أو لعقد جلسة تشريعية. وهذا لا يقع على عاتق الحكومة ولا تتحمل مسؤوليته. لو كان مجلس النواب أقر التشريعات اللازمة للبنود الإصلاحية لكنا توصلنا الى اتفاق مع صندوق النقد. وحين يعود وفد الصندوق في آذار سيرى أنّ الحكومة أدت عملها وأرسلت القوانين الإصلاحية ويجب أن تقر في مجلس النواب».

 

رأيها أنّ «الأطراف التي تعطل عمل مجلس النواب هي ذاتها تتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع»، وتكمل الأوساط غمزها من قناة «التيار الوطني الحر» لتسأل: هل من الطبيعي في هذا الظرف المفصلي أن يمر انعقاد كل جلسة حكومية في مخاض عسير كالذي نشهده؟ وهل مقاطعة بعض الوزراء لعمل الحكومة يساعد في وقف الإنهيار؟ وهل ان وقف الإنهيار مسؤولية ميقاتي وحده؟ وما النتيجة التي حققها وزراء التيار بمقاطعتهم؟ وهل هو عقاب لنجيب ميقاتي أم للبلد؟ وكيف يشارك وزراء «التيار» في إجتماعات اللجان الوزارية التي تنفذ قرارات مجلس الوزراء بينما لا يشاركون في جلسات الحكومة؟

 

وحول الموضوع المالي والإجتماع مع حاكم مصرف لبنان أكدت الأوساط أنّ «الإجتماع مع حاكم مصرف لبنان سيتكرر هذا الأسبوع والمسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة وحدها». وحسب الأوساط عينها «فإن ما يحصل هو نتيجة عدم مبادرة كل الأطراف الى دعم عمل الحكومة للوصول الى الإتفاق النهائي مع صندوق النقد وقالتها دول الإجتماع الخماسي صراحة إذا لم يُعمد إلى إنتخاب رئيس ويتم القيام بالإصلاحات اللازمة سيستمر الوضع وسيتدهور أكثر فهل هناك أكثر وضوحاً من هذا؟».

 

لن يعكتف ميقاتي «ولن يعطي حجة لتحميله المسؤولية وسيستمر بمسؤولياته ولكن يلزمه تعاون كل الأطراف والحكومة لا تقوم بكل المطلوب منفردة ومن دون مؤازرة مجلس النواب». «صامدون» تؤكد الأوساط «لا حل أمام رئيس الحكومة إلا الإستمرار في تأدية عمله للحفاظ على ما تبقى من كيان الدولة الذي تمثله رئاسة الحكومة والحكومة». وتختم بتوجيه التهم إلى «من يدفع الى الإنهيار الشامل لشل البلد نهائياً بما قد يقود الى إلغاء اتفاق الطائف نهائياً وقلب المعادلات».