بغالبية 72 صوتاً نيابياً حصل عليها الرئيس نجيب ميقاتي في الإستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا بالأمس ، بات ميقاتي رئيساً مكلّفاً، وعلى مفترق طرق ما بين الذهاب نحو تأليف سالك للحكومة الجديدة في أقرب فرصة ممكنة، أو البقاء في دائرة المشاورات والمبادرات والوساطات الهادفة إلى تسهيل ولادة الحكومة من دون أية خطوات عملية وحاسمة، على أن تتّضح معالم المهمة الحكومية سريعاً في ضوء البدء اليوم بالإستشارات مع الكتل النيابية في المجلس النيابي.
وإذ تؤكد أوساط نيابية كانت قد سمّت ميقاتي، أن الظروف التي تتحكّم بعملية التشكيل اليوم تختلف بالكامل عن الظروف التي حالت دون ولادة حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري على مدى الأشهر التسعة الماضية، فهي توضح أن الوقت مبكر للإنخراط في أية توقعات تتّسم بالسلبية، وأن الواقع السياسي قد لحظ تغييراً يصبّ في مصلحة الإسراع في تأليف الحكومة، وذلك، انطلاقاً من سلسلة إشارات سجّلتها هذه الأوساط في مرحلة ما قبل، وما بعد التكليف، وهي توالت من خلال الموقف الأولي الصادر عن رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي تحدث بإيجابية عن تكليف ميقاتي، وقال أنه قادر على «تدوير الزوايا»، كذلك في موقف «كتلة الوفاء للمقاومة» التي أعلنت أن التأليف هو مطلب لديها كما لدى كل اللبنانيين، وصولاً إلى الدعم الأكيد من قبل رؤساء الحكومة السابقين في هذا الإطار، بالإضافة إلى تأكيد غالبية النواب الذين سمّوا أو امتنعوا عن تسمية الرئيس ميقاتي، عندما تحدّثوا عن الحاجة إلى تأليف حكومة سريعاً، وقبل تفاقم الأزمة الإجتماعية.
ومن حيث الشكل، تقول الأوساط النيابية نفسها، أن التكليف هو مقدمة ونتيجة المفاوضات الماراتونية التي سُجّلت منذ اللحظة الأولى لاعتذار الحريري، وأدّت إلى بقاء ميقاتي مرشّحاً وحيداً لتأليف الحكومة ، وإلى حصوله على أصوات الأكثرية من النواب المشاركين في الإستشارات النيابية، وذلك، على الرغم من امتناع كتلتي «لبنان القوي» و»الجمهورية القوية» عن تسميته أو تسمية غيره، بالإضافة إلى قرار كتلة «الوفاء للمقاومة» التصويت له، بدلاً من الإمتناع، كما فعلت عند تسمية الرئيس الحريري.
وفي هذا الإطار، تكشف هذه الأوساط، عن أن ميقاتي، ينطلق بثقة في مهمته الحكومية، والتي لا تفتقد لأي عنصر من عناصر القوة والدعم السياسيين، وخصوصاً لجهة ما يجري الحديث عنه بالنسبة لعنصر الميثاقية، حيث توضح أن تسمية أكثرية النواب له تؤمّن الميثاقية، علماً أن الميثاقية ضرورية ويجب مراعاتها في عملية تأليف الحكومة، وليس في تكليف رئيسها، لأن نواباً من كل الإتجاهات قاموا باختيار الرئيس ميقاتي وسمّوه لرئاسة الحكومة، بصرف النظر عن الإنتماء الطائفي. وبالتالي، فإن التركيز واعتباراً من اليوم، بات في مكان آخر، وتحديداً في التأليف، في ظل معلومات متداولة عن دعم داخلي وخارجي، من أجل تجاوز العقبات التي تتجمّع لدى بعض الكتل النيابية، وذلك، في ضوء عزم الرئيس المكلّف على استيلاد حكومته بشكل سريع وعن طريق الإنفتاح على كل الاطراف السياسية «التي سمّته ولم تسمّه»، وفق ما أعلن بعد صدور نتائج الإستشارات في قصربعبدا.
وعلى هذا الصعيد، تؤكد الأوساط النيابية نفسها، أن ميقاتي اتخذ قراراً بعدم الدخول في أي مماحكات أو مناورات سياسية ، قد يُقدم عليها البعض، لا سيما بعض الذين رفضوا دعمه «في هذه المهمة الصعبة التي كلّف نفسه تنفيذها»، وطلب من الجميع مسؤولين ومواطنين، الوقوف إلى جانبه، استعداداً لدرء الإنهيار مع الإشارة إلى أنه ليس «ساحراً»، وسيعمل بالتعاون مع كل الأطراف على تبنّي المبادرة الفرنسية لتكون المدخل للإصلاح عبر التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتوفير الإستقرار النقدي والمالي والإجتماعي.