مع كل تصريح يطلقه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، يعبّر من خلاله عن استيائه من كلام بعض الافرقاء السياسيين، و”اللطشات” التي تصيبه كل فترة، من خلال مسارعة البعض الى إطلاق الشائعات عن اعتكاف مرتقب لميقاتي، فيما يشير المقرّبون منه الى أنّ ما يردّد منذ ايام عن قيام رئيس الحكومة بالاعتكاف هو غير صحيح على الاطلاق، لانّ نفسه طويل ولا يُهزم بسهولة، على الرغم من امتعاضه من الاوضاع والمواقف التي يتخذها الخصوم ضده، وهو سبق ان كشف كل أوراقه السياسية، فلا طمع او هدف لديه بمصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية، كما يشيّع احد الاطراف.
ويقول المقربون ان ميقاتي سبق ان زار الديمان لطمأنة البطريرك الماروني بشارة الراعي قبل فترة وجيزة، حيث عقد لقاءً تشاورياً وزارياً شارك فيه الراعي، وكل هذا لتوضيح موقفه، وما دام مجلس الوزراء يقوم بتسيير امور المواطنين فالاجواء ستبقى ايجابية، ولن يكون هنالك اي قرارات سلبية من قبل رئيس الحكومة، لكن على البعض ان يتوقف عن توجيه الاتهامات اليه، ويبقي الابواب مفتوحة امامه لتسهيل العمل، مع إشارة المقرّبين الى وجود “قرف” لدى ميقاتي من كل ما يجري من خلافات وإنقسامات، اوصلت البلد الى هذا الدرك الخطر، لكن وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة، فميقاتي سيمارس صلاحياته، ولن يتعدّى على صلاحيات الغير، وسيسير وفق القانون وهو سبق ان أكد ذلك مراراً.
الى ذلك يستذكر المقرّبون من ميقاتي لحظة تكليفه برئاسة الحكومة، ويقولون:” على الجميع ان يتذكّر التوقيت والظروف التي وصل خلالها الى سدّة الحكم، لانّ المهمة حينئذ تطلّبت فدائياً لم يصطف الى جانب المعتذرين من رؤساء الحكومات السابقين، وغيرهم ممَن ُطرحت أسماؤهم للتكليف، فالمهمة ليست سهلة لانها تتطلب جهوداً استثنائية في توقيت صعب جداً، مع ما تبع ذلك من “حرتقات” سياسية قام بها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، منذ لحظة وصول ميقاتي الى السراي، من دون ان ينال دعم كتلتي “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” أي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، ما جعل الميثاقية المسيحية غائبة ، لانّهما الحزبان الاكثر تمثيلاً على الساحة اللبنانية.
من هنا، ذكّر المقربون من ميقاتي كيف خرج باسيل من الاستشارات النيابية، ليُعلن من قصر بعبدا، “أنّ هذا التكليف مشوب بضعف ونقص تمثيلي، من خلال هزالة الأرقام وغياب الدعم من المكوّنات المسيحية الكبرى، ومَن يحاول التغاضي عنه يحاول إعادتنا الى زمن الوصاية وهذا لن يحصل”. اما “القوات اللبنانية” فرشّحت حينئذ السفير نواف سلام.
وعلى خط خصوم رئيس حكومة تصريف الاعمال، فانهم يرون انّ ميقاتي يهدّد فقط لانه يعشق الكرسي ولا يستطيع التخلي عنها بسهولة، او تقديم هذه الامنية على طبق من فضّة الى الخصوم، ولذا يعمل على توجيه الاتهامات الى جميع الافرقاء، بمشاركتهم في تحمّل المسؤولية، فيما الجميع يعرف هوية المعرقلين والفاسدين، ومن أوصل البلد الى ما نحن فيه اليوم.
وذكّر خصوم ميقاتي بأنه سبق ان امتنع عن الدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء، حين كان وزراء الثنائي الشيعي مقاطعين لأي جلسة حكومية، على خلفية رفضهم لبقاء المحقق العدلي في قضية انفجار مرفا بيروت طارق البيطار في مهمته، فيما نراه اليوم يدعو الى انعقاد الحكومة على الرغم من مقاطعة وزراء “التيار الوطني الحر” لجلساتها، ولعل ابرز حججه عن رفض الاعتكاف، هو الخوف من انهيار المزيد من سعر صرف الدولار، فيما الحقيقة مغايرة فلا اعتكاف بل “غنج سياسي” فقط .
اما خط الخبراء الاقتصاديين فالوضع سلبي جداً بالنسبة اليهم، وحين نسأل عن تداعيات اعتكاف ميقاتي في حال حصل ذلك؟ يأتي الجواب أنّ عتكافه في هذه المرحلة الخطرة جداً سيؤدي الى أزمة كبيرة، لانّ غياب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة معاً، يعني كارثة مع المزيد من الانهيارات، وارتفاع الدولار الى رقم غير مسبوق، لكن كل مَن تلقى هذا السؤال، أجاب على الفور: “ليس هنالك من اعتكاف بل تهويل فقط”.