IMLebanon

ميقاتي يُفاوض من دون كفوف .. وعون مُرتاح لاسلوب التشاور المفتوح

 

جبران المعارض والمفاوض : العين على حصّة المسيحيين بعد خسارة التسوية مع الحريري

 

هل تبصرالحكومة الجديدة النور قبل ٤ آب؟ هذا السؤال ليس مرتبطا بالذكرى السنوية الاولى لانفجار المرفأ وما تعنيه فحسب، بقدر ما يتصل ايضا برغبة دولية ومحلية عبرت عنها فرنسا صاحبة المبادرة تجاه لبنان بوضوح مؤخرا بعد مباركتها ودعمها لتسمية الرئيس نجيب ميقاتي مستندة الى مؤازرة اميركية وعربية، لا سيما من مصر والاردن ودول اخرى.

 

ميقاتي الذي باشر بعد تكليفه مهمته بوتيرة ناشطة وسريعة، لا يلزم نفسه بروزنامة او موعد محدد. لكنه يرغب في اعتماد المشاورات المفتوحة والمنفتحة، كما تقول مصادر قريبة منه، مع الرئيس عون لتسريع الاتفاق على التشكيلة الحكومية منطلقا من رغبته اولا ورغبة اللبنانيين والمجتمع الدولي والاجواء الجامعة في هذا الاتجاه التي لمسها بوضوح في الاستشارات النيابية في ساحة النجمة، وتضيف المصادر انه يجري مشاوراته مع الرئيس عون من دون كفوف وبكل انفتاح وشفافية، وان الاجواء مشجعة وجيدة

 

ويؤكد المعلومات، ان المفاوضات الجدية بين عون وميقاتي بدأت في لقائهما الثاني امس ، بعد اللقاء الاول الذي تناول الاطار العام للحكومة شكلا ومضمونا ، منطلقا من صيغة ال٢٤ وزيرا بشكل عام التي كرستها مبادرة الرئيس بري خلال مرحلة تكليف الحريري.

 

ووفقا للمعلومات، التي تحرص اوساط عون والحريري على الافراج عنها بنسبة قليلة لعدم حرق المراحل ، فان الاجواء الاي سادت بينهما كانت ايجابية ومشجعة خصوصا لجهة تاكيدهما على تكثيف الاجتماعات والمشاورات في ما بينهما للاتفاق على التشكيلة الحكومية في اطار الاصول الدستورية في اسرع وقت، وكذلك على بعض العناوين المتعلقة بمهمة وبرنامج الحكومة لا سيما الاصلاحي.

 

وتقول مصادر مطلعة ان ميقاتي حريص على تكثيف وتيرة المداولات والمشاورات بانفتاح، وان الرئيس عون ابدى الرغبة نفسها مرحبا بهذا الاسلوب الذي يعتبره المسلك الصحيح للاتفاق على الحكومة في اقرب وقت ، لكن هذه الاجواء العامة الزهرية، كما تقول المصادر، غير كافية او حاسمة لتحقيق هذا الهدف لان هناك لاعبا مؤثرا وشريكا للرئيس عون هو النائب جبران باسيل الذي يتخذ موقفا ملتبسا وضبابيا ان لم نقل قاتما من تكليف ميقاتي، قد يعيد ويكرر السيناريو الذي حصل مع سلفه الرئيس الحريري.

 

ومن يسمع ويتابع مواقف باسيل الاخيرة قبل وبعد تكليف الرئيس ميقاتي، يعتقد انه قرر الجنوح الى ضفة المعارضة، تضيف المصادر، نافضا يديه من اية مسؤولية في الحكومة العتيدة.

 

لكن سرعان ما يستدرك ان هذه المعارضة المفترضة غير واقعية وتفتقد الى الصدقية. فالعهد برئاسة مؤسس التيار الرئيس عون محكوم بان تتالف الحكومة لا سيما بعد ان تحولت حكومة تصريف الاعمال الى اشلاء وصارت عبئا ثقيلا عليه وعلى البلد والناس ، لذلك فان نفض باسيل يده من الحكومة امر يتناقض مع طبيعة موقعه الرديف لعهد عمه ورئيس حزب العهد.

 

وبرأي المصادر ان الموقف الذي اعلنه باسيل في الاستشارات النيابية ليس بعيدا عما كان يعلنه مع الحريري، لا بل بكاد يكون نسخة طبق الاصل. من هنا تبرز المخاوف من ان يتكرر المشهد بينه نفسه بينه وبين ميقاتي، لكنها تستدرك قائلة: ان هناك بعض الامل في ان تختلف اجواء التفاوض مع الرئيس المكلف الجديد لاسباب عديدة منها :

 

– ان العلاقة بين الحريري وباسيل تميزت بقطيعة كاملة، بينما العلاقة بين ميقاتي وباسيل لا او لم تصل الى هذا المستوى من الجفاء والعداء بدليل الاجتماع الذي حصل بينهما قبل التكليف.

 

– يختلف اسلوب ميقاتي عن اسلوب الحريري في التفاوض شكلا ومضمونا، وربما سيساهم هذا الامر في تحسين فرص نجاح هذا التفاوض لانتاج الحكومة.

 

– صحيح ان باسيل ركز في مفاوضاته غير المباشرة مع الحريري على الاستئثار بحصة المسيحيين اسماء وحقائب ، لكنه في الوقت نفسه سعى جاهدا لعقد تسوية جديدة معه يمكن ان توفر له ذخيرة ودعما سياسيا ونيابيا يغذي فيهما طوحه الرئاسي. اما الحال مع ميقاتي في مختلفة لانه لا يعول على تسوية مماثلة معه كون رصيده النيابي قليل ولا يفي بالغرض .

 

وباعتقاد المصادر ان باسيل سيركز في التفاوض مع ميقاتي على الشق الاول المتعلق بحصة المسيحيين، انطلاقا من السياسة التي اتبعها منذ فترة غير قصيرة لاعادة استنهاض شعبية تياره مسيحيا بعد ان تراجعت قوته في السنتين الماضيتين بنسبة ملحوظة.

 

ولذلك تعتقد هذه المصادر ان صعوبة المفاوضات التي بدأها ميقاتي لتشكيل حكومته هي في التوافق مع عون على الحقائب والاسماء المسيحية التي يسعى باسيل اان تكون ممهورة بختمه بطريقة او باخرى.

 

واذا كانت المفاوضات الشاقة والصعبة التي خاضها الحريري قد اجتازت توزيع حقائب واسماء مسيحية عديدة، فان عقدتي وزارتي الداخلية والعدل تعتبران الابرز المفاوضات التي بدأها ميقاتي:

 

– اولا بسبب اصرار عون وصهره جبران على ان تكونا من نصيب المسيحيين او على الاقل ان تكون الداخلية من حصة المسيحيين وان تكون لهما الكلمة الاولى او الحاسمة في تسمية الوزير او حصيلة مشاركة مع ميقاتي.

 

– ثانيا بسبب السقف الذي التزم به ميقاتي مع الحريري ورؤساء الحكومات السابقين في هذا الموضوع، والذي لايسمح بذهاب «الداخلية» للعهد والتيار خصوصا انها ستشرف على الانتخابات النيابية المقبلة.

 

وعلى الرغم من صعوبة مقاربة هذه النقطة، الا ان هناك مخارج عديدة يمكن ان تكون مقبولة من الطرفين، اذا تعامل الرئيس عون وباسيل مع ميقاتي بطريقة مختلفة عن التعامل مع الحريري، وعندها سيعززا مقولتهما بان الحريري هو الذي لعب الدور التعطيلي لاسباب خارج اطار التفاوض معهما.

 

ووفقا للاجواء التي ظهرت حتى الان منذ تكليف ميقاتي، فان فرصة تشكيل الحكومة تبدو اكبر من فرصة التعطيل. ويبدو ايضا ان الضمانات الدولية والعربية التي تحدث عنها الى جانب الدعم الداخلي قادرة على فرض واقع اقوى من الكباش على حقيبة او حقيبتين مهما غلا ثمنهما في موسم الانتخابات