Site icon IMLebanon

مسعى ميقاتي يصطدم برفض «الثنائي» ولا حماسة للحريري

 

 

إنها مرحلة تقطيع للوقت هذه التي تلف لبنان المأزوم بكوارثه وفراغه الحكومي الذي يبدو أنه سيطول.

 

مع فشل الموجة الأولى من الهجوم الفرنسي على لبنان للتوصل الى حل أو أقله تسوية تحفظه في هذه الفترة الدقيقة من تاريخه، يتسمّر اللبنانيون أمام الأخبار القادمة من الولايات المتحدة الأميركية لمعرفة مسار الأمور في ظل مرض الرئيس دونالد ترامب، ويتلقفون مآل ذلك على هوية الرئيس المقبل التي سيتمخض عنها تاريخ الانتخابات الاميركية في الثالث من الشهر المقبل.

 

لكن بالنظر الى دقة الوضع الداخلي، فإنه لا يمكن الانتظار الى هذا التاريخ الذي لن يشكل سوى بداية تمظهر الحل المقبل وليس بالضرورة أن يشكل الاستحقاق الاميركي بداية فورية للحل، هذا إذا وجد. لذا، يجب التحضير للمناخ المقبل الذي قد ترسو عليه المنطقة عبر السعي لتدوير الزوايا حالياً لمحاولة الاتفاق على إطار عام للتسوية المنشودة.

 

هذا هو أقصى ما يبتغيه المعنيون في هذه الأسابيع الفارغة من الحل، ولعل الجميع ليس مستعجلاً على هذا الأمر، باستثناء العهد الذي لم يفعل الفشل الفرنسي سوى في تعميق أزمته في ظل صراعه المرير مع الزمن قبل أيام من الذكرى الرابعة لجلوس العماد ميشال عون على كرسي الرئاسة.

 

أسئلة برسم المبادرة والمرحلة

 

في خضم محاولات إيجاد كوة في هذا الفراغ تأتي المبادرة أو لنقل المسعى الذي تردد أن الرئيس نجيب ميقاتي عرضه من دون ضجيج في الوسط السياسي.

 

وخلافا لما ردده البعض، فإن الرئيس الأسبق للحكومة لم يعرض نفسه أو حتى إسما ما للرئاسة الثالثة. وفي نظرة على ظروف المسعى الجديد، هو يأتي وسط مناخ دولي إيجابي، أميركي خصوصاً، بعد إعلان رئيس ​مجلس النواب​​نبيه بري بلسانه ولسان «حزب الله» ضمنا، عن الإتفاق​ الإطار حول ​ترسيم الحدود​ الجنوبية البرية والبحرية، ما يشير إليه البعض بكونه يجب أن يتواءم مع حراك سياسي إيجابي عبر تشكيل الحكومة المنتظرة بالتوازي زمنياً مع المفاوضات.

 

ويقوم المسعى الجديد على واقعية التشكيل المنوّع بين السياسي والإختصاصي الذي يُعرف بكونه حكومة تكنوسياسية تردد أنها تضم 14 وزيرا أخصائيا وستة من السياسيين.

 

يشير بعض المتابعين للأجواء الدائرة حول التشكيل الى ان هذا المسعى يقترح أن تولى حقائب دولة الى الوزراء السياسيين، تضمهم الى جانب وزراء تكنوقراط. لكن ثمة أسئلة لا تبدو الأجوبة عليها سهلة هنا: من سيختار الوزراء التكنوقراط؟ وهل سيقبل ثنائي «حزب الله» و«أمل» بأن لا يسمي وزراءه من أخصائيين وسياسيين؟ واستطراداً، ماذا عن وزارة المال، أم الأزمات وأعقدها؟

 

صحيح أن الثنائي تمكن من تبريد الأجواء مع الادارة الاميركية في رسالة إعلان الاتفاق الاطار قبل أسابيع قليلة من الاستحقاق الأميركي على أمل تجنب المزيد من العقوبات، وأن ما حصل من شأنه منع المزيد من التصعيد، إلا ان ذلك لا يعني، في موازاة ذلك، تحقيق خرق جدي في عملية تشكيل الحكومة في هذه اللحظة السياسية بالذات.

 

والسؤال المهم أيضاً الذي يحضر هنا ويستتبع أسئلة أخرى أهمها: ماذا عن موقف زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري؟ هل وفر الغطاء المناسب لمسعى ميقاتي؟ وماذا عمّا يشير اليه مقربون منه حول عدم حماسته لهذا الطرح، لا بل رفضه له؟

 

يؤكد متابعون لموقف الزعيم «المستقبلي» أنه لا يريد التصدي للمسؤولية السياسية في ظل العهد الحالي الذي يتبقى من عمره سنتين طويلتين، وهي فترة ستكون حبلى بالمفاجآت.

 

قد لا يختصر هذا السبب كل نوازع الحريري ورفضيته، فللأمر دوافعه الإقليمية السعودية خاصة. لكنه يحظى، رغم كل ما حصل في الاسابيع الاخيرة، بحظوة لدى «الثنائي» لا يتمتع ميقاتي بها، والأخير كان أكثر مزايدة وربما تطرفاً في سبيل صلاحيات الرئاسة الثالثة السنية.

 

كما أن الحريري يتمسك بالمبادرة الفرنسية وبعنوان حكومة الأخصائيين ولم يوافق، أقله في العلن، على حكومة تكنو سياسية.

 

ماكرون ينتظر الفرصة

 

في المقابل، ينطلق مراقبون لما يجري لاستخلاص أن مسعى ميقاتي سيؤدي الى خرق للسلبية الحالية، لكن من دون تحقيق إنجاز مهم قبيل الانتخابات الأميركية. وبرغم عدم إفصاح ميقاتي عن إسمه لترؤس تلك الحكومة، يشير متابعون الى أنه يناسب المرحلة كونه يحظى برضا سعودي وقبول دولي وضمنا فرنسي، ما يمكنه من جلب مساعدات مالية بات لبنان في أمس الحاجة إليها.

 

وفي مقابل ذلك، لا يبدو أن ثنائي «حزب الله» و«أمل» على استعداد لتسليم ميقاتي ما رفضاه لرجله مصطفى أديب، ناهيك عن موقف رفضي، حتى الآن، لتولية شخصية كميقاتي نفسه. والواقع أن الحزب والحركة لا يرغبان في تقديم جائزة مجانية جديدة للخصم بعد جوائز قيّمة قدماها في اللحظات الماضية القريبة، لا تبدأ بتوقيت الإعلان عن إتفاقية الإطار التي ستتم في المعلن برعاية أممية، لكن فعلياً بإشراف أميركي، ولا تنتهي بتجوّل قوات عسكرية من قوات الطوارئ الدولية في الجنوب «اليونيفيل»، في قلب بيروت.

 

وفي هذه اللحظات، تنتظر البلاد من أي مسعى جديد أن يؤسس الى إعادة تزخيم للمبادرة الفرنسية التي لا يزال الرئيس إيمانويل ماكرون على عهده في متابعتها في منطقة هامة له على الضفة الشرقية للمتوسط وينتظر فرصته لإعادة إطلاقها، وهو ما وضعت باريس و«حزب الله» لبناته في اللقاء الأخير بين مسؤول العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي والسفير الفرنسي برونو فوشيه الذي أصر على لقاء الموسوي وعدم توديعه هاتفياً.