Site icon IMLebanon

ميقاتي ينتظر الارتطام الكبير… ليكون المنقذ “على الحامي”

 

هي لعبة عضّ الأصابع ذاتها، تتكرّر على مرأى من عيون اللبنانيين الذين يئنّون وجعاً واحباطاً ويأساً مما آلت إليه الأوضاع. يلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي لحوالى 25 دقيقة، لا أكثر، ليتفقا على الاجتماع مجدداً يوم الخميس المقبل… وكأنّ لا شيء يستدعي منهما أن يصلا الليل بالنهار لكي يتفقا على تشكيلة لا يُراد منها إلّا وقف الانهيار وتأمين أبسط مقوّمات العيش من كهرباء ومحروقات ودواء!

 

سبق لرئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري أنّ جرّب تلك اللعبة مع الفريق العوني ولكن من دون أن يحقق أي نتيجة. انسحب من التكليف بعدما أمضى تسعة أشهر من الطلعات والنزلات والسفرات… مع صفر نتيجة. ويفترض أن سلفه قد تعلّم من هذا الدرس كي لا يصاب بالخيبة ذاتها ويعود إلى نادي رؤساء الحكومات السابقين خالي الوفاض. لتبدأ من بعدها رحلة البحث عن “انتحاري” رابع.

 

حتى الآن، تبيّن أنّ سيف العقوبات لا يجدي نفعاً في التأثير، ولا يبدو أنّ رئيس الجمهورية أو رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل قد يمضيان في أي تنازل تحت ضغط الاتحاد الأوروبي، خصوصاً وأنّ نتائج الآلية القانونية التي أقرّها الاتحاد لن تظهر قبل أسابيع، أو أشهر، ويكون بذلك “من ضرب ضرب، ومن هرب هرب”.

 

وبالتالي، من المستبعد أن يبادر الفريق العوني خطوة للأمام من خلال التنازل عن أي من مطالبه وتحديداً حقيبتيّ الداخلية والعدل خصوصاً وأنّ حسابات هذه الحكومة، كما دلّت مؤشرات الأشهر الأخيرة، ترتبط بمرحلة ما بعدها أي الشغور الرئاسي، وبالمتغيرات الاقليمية اذا ما حملت تسوية للبنان قد تتضمن تعديلات على النظام السياسي، لتصير بالمحصّلة، أزمة حكم لا أزمة حكومة. الأمر الذي يرفع من منسوب القناعة، بأنّ الفريق العوني يحسبها على طريقة تجميع الأوراق تمهيداً لمرحلة الحسابات الكبرى التي يعمل على أن يكون جزءاً منها لا خارجها، ولذا يحاول تحسين موقعه التفاوضي مسبقاً.

 

في المقابل، فإنّ رئيس الحكومة المكلّف مكبّل بالسقف الذي وضعه الحريري وأسقطه على نادي رؤساء الحكومات السابقين، بحيث سيكون من الصعب على ميقاتي، حتى لو أراد ذلك، وقد يكون ميّالاً إلى ذلك، تقديم بعض التنازلات للمضي في التأليف، لكونه يخشى من أن يتمّ التصدّي له من جانب “تيار المستقبل”، في الشارع تحديداً، وهو احتمال كبير ذلك لأنّ الحريري لن يرضى بأن يقدِم ميقاتي على ما رفض هو الإقدام عليه. ولذا يحتاج إلى تدخّل عامل جديد… من خارج الحسابات التقليدية!

 

الأرجح أنّ ميقاتي يعتقد أنّ الانفجار الكبير الذي بات على مسافة أيام، قد يكون عاملاً مؤثراً في تحريك المياه الحكومية الراكدة ويدفع إلى تسريع ولادة الحكومة، التي باتت تحتاج إلى معجزة لخروجها إلى الضوء.

 

حتى الآن، تشير التقديرات إلى أنّ الارتطام سيحصل خلال أيام، وثمة من يتحدث عن مهلة عشرة أيام سيتوقف خلالها مصرف لبنان عن فتح الاعتمادات، وتحديداً للمحروقات التي كانت المواد الوحيدة التي لا يزال يواظب على دعمها بالدولارات الطازجة، ويتوقع أن تظهر نتائج اقفال “الحنفية” خلال الأيام العشرة المقبلة، فتنقطع مادة البنزين نهائياً وكذلك المازوت والفيول الخاص بمعامل الكهرباء مع انتهاء سلفة الـ200 مليون دولار التي أقرها مجلس النواب، مع العلم أنّ النفط العراقي المنتظر وصوله إلى لبنان بعد اجراء عملية التبديل في معامل التكرير التي تعاقدت معها وزارة الطاقة، سيكون من الصعب استخدامه لأنّ الشركات المشغلّة لمعامل انتاج الطاقة في لبنان قد تتوقف نهائياً عن العمل لكونها لا تحصل على مستحقاتها!

 

وقد تكون افرازات شارع الرابع من آب في ذكراه الأولى، عاملاً مؤثراً في المسار الحكومي اذا ما حملت التحركات الاحتجاجية فوضى غير مضبوطة من شأنها أن تعرّض السلم الأهلي لهزة غير مرغوب فيها، ما قد يدفع ميقاتي إلى تقديم تنازلات تحت عنوان حماية البلد والإسراع في “التأليف على الحامي”، خصوصاً بعد أحداث خلدة التي تركت الكثير من علامات الاستفهام لدى قوى الثامن من آذار حول خلفيات سياسية قد تكون وراءها.

 

على هذا الأساس، يقول المواكبون إنّ المهلة الزمنية التي أعطاها ميقاتي لنفسه لا تتخطى الأسبوعين، والأرجح عينه على دور المنقذ من الارتطام الكبير الذي سيوقع الهيكل فوق رؤوس الجميع.